الحرمة، وتُستباح سيرة العقيلة النبوية، مثلما استبيحت المدينة، وأُحرقت الكعبة، من قوم لايتأثّمون ولايستعظمون من الاجتراء على حدود الله، حتّى يتمّ تجريد جمهور المسلمين من عزّة مقدّساته، وحتّى تتحطّم قياداته وتتهاوى قدواته. فالطعنة بهذا البهتان لم تكن تعني سكينة بنت الحسين وحدها، بل كانت في صميمها مذبحة أُخرى ـ ككربلاء ـ معنوية وأدبية، تغتال فيها شخصية أهل البيت، لتنتزع بالافتراء قيادتها الروحية، كما انتزعت من قبل بالغدر والذبح قيادتها الحكومية، ولا أقول: السياسية; إذ أنّ هذه القيادات السياسية والروحية لأهل البيت لم تسقط عنهم أبداً، في أيّ يوم من الأيام، على مدى الزمن الإسلامي، على الرغم من الجهد الهائل للباطل وأعوانه في كلّ زمان ومكان! * المشهد الختامي كانت سكينة منذ حداثتها صاحبة مصحف وذكر وثقافة نبوية، تعكسها في ذكاء وإبداع، ورثت عن أبيها وجدّها البلاغة، وعن عمّتها الطلاقة والمبادرة بردّ الإساءة في شجاعة ورقى، وعن أُمّها قول الشعر الذي تمحور حول رثاء الحسين: إنّ الحسين غداة الطفّ يرشقه *** ريب المنون فما أن يخطئ الحدقهْ بكف شرّ عباد الله كلّهم *** نسل البغايا وجيش المرق الفسقهْ![429] ظلّت سبع سنوات، بعد كربلاء، رافضة للزواج، والمعروف شعبياً أنّها كانت مخطوبة للقاسم ابن عمها الحسن[430]، الذي استشهد في السابع من محرّم عام 61 هـ ،