ونشأت سكينة في حضن والديها، وكان أبوها يحبّها حبّاً شديداً، حتّى لقد أُثر عنه أنّه قال فيها وفي أُمّها شعراً: لعمرك إنَّني لأحبُّ داراً *** تحلُ بها سكينةُ والربابُ أُحبّهما وأبذل كلّ مالي *** وليس بلائمي فيها عتابُ ولستُ لهم وإن عتبوا مطيعاً *** حياتي أو يغيّبني التراب[393] ويبدو أنّ الحسين قد عوتب في شدّة إقباله على زوجته وابنته، فردّ بذلك على من يعتب عليه. كانت ولادة سكينة حوالي سنة 47 هـ ، وقد توفّي عمّها الحسن سنة 50 هـ ، ولها من العمر ثلاث سنوات، وشهدت مع أبيها معركة كربلاء ولها من العمر أربع عشرة سنة[394]. سكينة في بحر الأحداث وشهدت سكينة الأحداث الدامية التي أودت بمصرع أبيها (رضي الله عنه) في المأساة المعروفة بمأساة كربلاء، كانت في صحبته مع عمّتها زينب، وبقية أولاد الحسين وإخوته وأولاد عمومته وبعض أنصاره وشيعته. ورأت مصارع إخوتها: عبدالله وعلي الأكبر مع أبيها، فانطبع هذا المشهد في وجدانها، ولم تنسه، فحاولت أن تتصبّر عليه بالشعر والأدب. ... لقد عُرفت سكينة بالجمال والأدب منذ صغرها، ولذلك كانت مطمح أُولي الفضل من شباب قريش، كلٌّ يريد أن يخطبها، وقد تقدّم الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهم يوماً إلى عمه الحسين ليخطب إليه، وكان يطمع في سكينة، ولكنّه لم يصرّح لعمه بمن يريد. فقال له عمّه (رضي الله عنه): اخترت لك ابنتي فاطمة، فهي أشبه النساء بأُمي فاطمة