وصار مقامها حيث ووريت الثرى مزاراً مباركاً يفد إليه المسلمون من كلّ حدب وصوب، يتبرّكون به ويسألون ربّهم فيه صالح الدعوات. وفي هذا المقام الطاهر المعروف بالحرم الزينبي أو المسجد الزينبي أو مسجد السيدة زينب، حيث أُطلق على الحيّ كلّه، يقول الشاعر: هذا ضريح شقيقة القمرين *** بنت الإمام شريفة الأبوينِ وسليلة الزهراء بضعة أحمد *** نور الوجود وسيّد الثقلينِ نسبٌ كريمٌ للفصيحة زينب *** شمس الضحى وكريمة الدارينِ هذا قبس من تاريخ حياة العقيلة الطاهرة، سليلة المجد وزهرة أهل البيت السيّدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، ومنه نقف على ما غمض من حياة جرى النبل في ركاب صاحبتها، وتسابقت الفضائل بين يديها، وتكاملت الصفات في ثناياها، وانطبعت محامد الخصال على لألاء صفحتها، وتفجّرت جلائل الأعمال من ينبوع همّتها. سيّدة كانت و لاتزال فخر النساء، حملت علم الجهاد، وشاركت الرجال في الضرّاء، وألزمت أعداءها الحجّة ببليغ منطقها، وفصيح خطابها، فباتوا يخشون على سطواتهم وجبروتهم بأسها، ويعملون ألف حساب لحماستها، ولكن لم يغنهم حسابهم، ولم يفدهم تدبيرهم نفعاً. * * *