فارتعدت فرائص فاطمة[256]، وأخذت بثياب عمّتها العقيلة السيدة زينب رضي الله تعالى عنها، وقالت: يا عمّتاه، أَوَ تمّت وأُستخدم!! فقالت العقيلة السيدة زينب للشامي: كذبت ولؤمت، ما جعل الله ذلك لك ولا لأميرك. فغضب يزيد وقال: كذبت والله، إنّ ذلك لي، ولو شئت أن أفعل لفعلت. فقالت: كلاّ والله، ما جعل الله ذلك لك إلاّ أن تخرج من ملّتنا وتدين بغير ديننا. فاستطار يزيد غضباً وقال: إياي تستقبلين بهذا الكلام!! إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك. فقالت السيدة العقيلة: بدين أبي وأخي اهتديت أنت وأبوك وجدّك إن كنت مسلماً. قال: كذبت يا عدوّة الله! قالت: يا يزيد، أنت أمير! تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك. فاستحى يزيد وسكت، فأعاد الشامي سؤاله قائلاً: هب لي هذه الجارية. فقال له يزيد: اسكت، وهب الله لك حتفاً قاضياً[257]. ولم يرتدع يزيد بن معاوية عن غيّه في مجلسه هذا، بل ظلّ ينكت بقضيبه الذي في يده ثنايا الإمام أبي عبدالله الحسين، ويقول: ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل[258] فأهلّوا واستهلّوا فرحاً *** ثم قالوا يا يزيد لاتشل قد قتلنا القوم من سادتهم *** وعدلنا ببدر فاعتدل