تصدَّر للتدريس ونشر العلم، فأخذ عنه خلق كثير، فروى عنه سادة الأمّة وخيارها، أمثال: سفيان الثوري، وابن عيينة، وسليمان بن بلال، والدراوردي، وابن أبي حازم، وأبي حنيفة، ومالك، وابن جريج، وشعبة، وولده موسى الكاظم. واحتجَّ به سائر الأئمّة ـ ما عدا البخاري ـ ووثَّقوه، فقد قال ابن معين عنه: «ثقة مأمون» وقال أبو حاتم: «ثقة، لا يُسأل عن مثله». وقال ابن عدي: «وهو من ثقات الناس». وقال في تهذيب التهذيب: «وقال عمرو بن المقدام: كنت إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمد علمت أنّه من سلالة النبيّين». وأثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيميّة في منهاج السنّة، وقال عنه: «إنّه من خيار أهل الفضل والدين» وأشاد بفضله، وقال السخاوي:«كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً، وفضلاً وجوداً، يصلح للخلافة لسؤدده وفضله، وعلمه وشرفه». وكان لا يتقرَّب إلى الولاة، ولا يتزلّف إليهم، بل يعيب الذين يصانعونهم، وكان يقول: «الفقهاء اُمناء الرسل، فإذا أركنوا إلى السلاطين فاتّهموهم... وإيّاكم والخصومة في الدين، فانّها تشغل القلب وتورث النفاق». وكان فقيهاً سديد الرأي، قال عنه أبو حنيفة: «ما رأيت أفقه منه». وقال عنه مالك: «اختلفت إليه زماناً، فما كنت أراه إلاّ مصلّياً أو صائماً أو قائماً، وما رأيته يُحدّث إلاّ على طهارة». وكانت وفاته 148 هـ عن 68 سنة، ودُفن بالبقيع بجوار أبيه وجدّه وعمّه رضي الله عنه وأرضاه، ورضي عن ال بيت الرسول جميعاً[53].