ونبيٍّ لا أُومن به؟ فقال له الرضا (عليه السلام): «يا نصرانيّ، فإن احتججت عليك بإنجيلك، أتُقرُّ به»؟ قال الجاثليق: وهل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل؟! نعم ـ والله ـ أُقرّ به على رغم أنفي. فقال له الرضا (عليه السلام): «سل عمّا بدا لك وافهم الجواب». قال الجاثليق: ما تقول في نبوّة عيسى وكتابه، هل تنكر منهما شيئاً؟ قال الرضا (عليه السلام): «أنا مقرٌّ بنبوّة عيسى وكتابه وما بشّر به أُمّته وأقرّت به الحواريّون، وكافرٌ بنبوّة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكتابه ولم يبشّر به أُمّته». قال الجاثليق: أليس إنّما تقطع الأحكام بشاهدي عدل؟ قال: «بلى». قال: فأقم شاهدين من غير أهل ملّتك على نبوّة محمّد ممّن لا تنكره النصرانيّة. وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملّتنا. قال الرضا (عليه السلام): «الآن جئت بالنصفة يا نصرانيّ. ألا تقبل منّي العدل المقدّم عند المسيح عيسى بن مريم»؟ قال الجاثليق: مَن هذا العدل؟ سمّه لي. قال: «ما تقول في يوحنّا الديلميّ»؟ قال: بخ بخ! ذكرت أحبّ الناس إلى المسيح. قال (عليه السلام): «فأقسمت عليك، هل نطق الإنجيل أنّ يُوحنّا قال: إنّ المسيح أخبرني بدين محمّد العربيّ وبشّرني به أنّه يكون من بعده. فبشّرت به الحواريّين، فآمنوا به». قال الجاثليق: قد ذكر ذلك يوحنّا عن المسيح، وبشّر بنبوّة رجل وبأهل بيته ووصيّه، ولم يُلخّص متى يكون ذلك، ولم يُسمّ لنا القوم فنعرفهم. قال الرضا (عليه السلام): «فإن جئناك بمَن يقرأُ الإنجيل، فتلا عليك ذكر محمّد وأهل بيته وأُمّته، أتؤمن به»؟ قال: شديداً. قال الرضا (عليه السلام) لنسطاس الروميّ: «كيف حفظك للسفر الثالث من الإنجيل»؟ قال: ما أحفظني له. ثمّ التفت إلى رأس الجالوت، فقال: «ألست تقرأ الإنجيل»؟ قال: بلى، لعمري. قال: «فخذ على السفر الثالث. فإن كان فيه ذكر محمّد وأهل بيته وأُمّته، فاشهدوا لي; وإن لم يكن فيه ذكره، فلا تشهدوا لي». ثمّ قرأ (عليه السلام)السفر الثالث، حتّى إذا بلغ ذكر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقف. ثمّ قال: «يا نصراني ّ، إنّي أسألك بحقّ المسيح وأُمّه، أتعلم أنّي عالمٌ بالإنجيل»؟ قال: نعم. ثمّ تلا علينا ذكر محمّد وأهل بيته وأُمّته. ثمّ قال: «ما تقول يا نصرانيّ؟ هذا قول عيسى بن مريم. فإن كذّبت ما ينطق به الإنجيل، فقد كذّبت موسى وعيسى (عليه السلام);