130 ـ ابن سمعان وجويبر ومقاتل قالوا: لمّا آمنوا هؤلاء بعيسى وسألوه المائدة، وذلك بين إيلياء وأرض الروم، وكان الله حين أنزل عليهم المائدة اشترط عليهم العذاب، فقال لهم فيما أوحى الله إلى عيسى: يا عيسى، قل لهم: يأكلون ولا يتّخذون خبئاً. قال: فأكلوا، فصدر عنها سبعة آلاف شباعاً. فكانت تنزل المائدة عليهم أربعين صباحاً، فعمد قوم منهم، فخبَّئوا منه، فقال الحواريون: لا تفعلوا، فإنّكم إن فعلتم عذّبتم. وكان قوم منهم مداهنين، فقال: دعوهم، وما الذي يتخوّفون عليهم إنكاراً لما قالوا لهم، فقال الذين جهلوا: ما سمعتم بساحر يخرج في آخر الزمان، يزرع من يومه، ويحصد من يومه، ويطعم الناس من يومه! فغضب الحواريون وغيّروا عليهم، وسكت المداهنون، فانطلق الحواريون إلى عيسى، فأخبروه بذلك، فأوحى الله إلى عيسى: إنّي آخذهم بشرطي. قال: فاعتزل عيسى والحواريون عن عسكرهم، فلمّا كان عند وجه الصبح بعث الله جبريل، فصاح عليهم صيحة فزعوا منها، فحوّلوا عن صورهم خنازير، فلمّا اصبحوا نادى منادي عيسى بالرحيل، وكان يرتحل بغلس، فلم يخرج من عسكر القوم، فأقام عيسى حتّى أسفر، فنظر الناس إليهم، فقالوا: يا عجباً! خنازير لها أذناب يسمع لها وحاوح! فلمّا رأى ذلك عيسى بكى بكاءً شديداً. قال: فجعلوا يومون برؤوسهم إلى عيسى أن ادع ربّك، وعيسى يدعوهم بأسمائهم، ويقول: «ألم أنهكم»؟ فيومون برؤوسهم أن نعم! فمضى عيسى، فأوحى الله إليه أن يقيم بمكانه ثلاثة أيّام، فأقام عيسى، فاجتمع الناس ينظرون إليهم، ثمّ ارتحل عنهم، فأخذت الخنازير على إثر عيسى، فأوحى الله إلى الأرض: أن خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم على المحجّة أربعة أيّام ينظر الناس إليهم، ثمّ أماتهم بعد سبعة أيّام، ثمّ أوحى الله إلى الأرض: أن اخسفي بهم، فخسفت بهم، فطهّر الله الأرض من جيفتهم، فانكسرت اليهود أعداء الله، فقطعت ألسنتهم عن عيسى بن مريم، فذلك قول الله: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ). فأمّا