المقدّمة غير خفي أنّ الأخلاق من المسائل التي كانت موضع اهتمام الديانات السماوية السابقة، حيث لم يخلُ دين من تعاليم تخصّ هذا الجانب بصورة خاصّة، والتأكيد على نشرها، ودعوة الناس إلى التمسّك بها كشرط أساسي لبلوغ السعادة، والتقرّب إلى الخالق عزّوجلّ. وقد اهتمّ الإسلام اهتماماً بالغاً بتثقيف النفوس البشرية، وحرص على أن تعلو عن الرذائل والخلق المنحطّ، بالالتزام بالمثل العليا لأجل بلوغ السعادة في الدارين: الدنيا والآخرة. فالإنسان ـ في العقيدة الإسلامية ـ يعتبر أفضل مخلوق على سطح الأرض، وتسنّم مكاناً رفيعاً بكونه خليفة الله في أرضه. فإذا كان هذا حاله، فإنّه من الواجب عليه أن يتّصف بالمزايا الحميدة، ليكون أهلاً لمهمّته التي أوكلها الله سبحانه إليه، وليشعر بسموّه الذاتي على بقية المخلوقات التي خُلقت لقضاء حاجاته وهو يشقّ طريقه في هذا السبيل. والأمة الإسلامية حينما انطلقت من أرض الحجاز مهد النبوة لنشر النور الإلهي في أرجاء العالم، لم تكن لتنجح بهذه المهمة لولا أنّها جسّدت المثل العليا للآخرين، وأثبتت أنّ الإسلام دين المحبّة والمساواة والحرية والفضيلة، فكان له الأثر في أن تنظر إليهم الأُمم نظرة الإجلال والإكبار، معتبرين ما في هذه الرسالة من معان عظيمة، وقيم سامية، بأنّها لابدّ وأن تدلّل على صدقها وأصالتها. وقد اكتسب المسلمون الأوائل هذه الفضائل ممّا علّمهم إياها الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) الذي