من دور في الساحة الإسلامية بجميع مواقعها، هو حقّاً مقام لا يرقى إليه إنسان مهما بلغ من العلم والمعرفة والاطلاع الشيء الكثير، ولا يحطّ عليه أديب مهما أوتي حظّاً من البراعة في الأسلوب، والروعة في البيان، والحلاوة في التعبير. والسبب في ذلك يعود إلى أنّهم من أسرار الوجود، أودعه الله سبحانه في هذا العالم ليقوم به عماد الحقّ بين خلقه، وتستضيء به أرواح الناس الطيبة في آفاق الفكر والرشاد والتبصّر والهداية، وهم أهل العلم وسماته قبل غيرهم «اصطفاء من الله قبل أن يكون اجتهاداً من عند أنفسهم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومودّتهم إنّما هي للأخذ لا للعطاء، للتعلّم لا للتعليم». وبذلك كان آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يشكّلون امتداداً متنامياً للرسالة الخالدة، وكادراً وظيفته حفظ دين الله بين عباده، ولهذا فقد كان العلماء على مدى الزمن «عالة على علم أهل البيت». وإلى هذا يقول الشاعر: آل النبي محمد *** أهل الفضائل والمناقب المرشدون من العمى *** والمنقذون من اللوازب الصادقون الناطقون *** السابقون إلى الرغائب فولاهم فرض من *** الرحمان في القرآن واجب وهذا الكتاب ـ الذي بين يديك ـ رغم صغر حجمه، يعدّ إحدى المحاولات الجادّة في هذا الطريق الطويل، ويمثّل إحدى التجارب العملية في خوض عباب هذا البحر المترامي الأطراف، الغرض منه البحث والدراسة لجزء من حياة أهل البيت الذين كانت حياتهم حياة مثلى، أعطت للبشرية نموذجها الأسمى، وطريقتها الفضلى، لترسم منهجهم السليم، وتسير على هداهم القويم. ولكي يكونوا مناراً لرشاد الأمة وهدايتها إلى الصواب، لابد من توفّر مقوّمات خاصة لشخصيتهم الفذّة، هذا المقومات تمثّل الأسس المبدئية لكونهم أئمة هداة مهديّين، ترجع إليهم الأمة في أيام شدّتها وعسرها، وتستغيث بهم أوقات محنتها. ومن خلال دراسة هذا المقوّمات والمؤهّلات يتبيّن لنا السرّ الكامن في اختيار الله ورسوله لهؤلاء المكرمين أئمة للأمة وهداة لها على طول مراحل مسيرتها التاريخية، وفرض