صغرها، وكانت لا تفارق حرم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانت تبكي بكاءً شديداً، وتتعلّق بأستار الكعبة وتقول: «إلهي وسيدي ومولاي: متِّعني وفرِّحني برضاك عنّي، فلا تسبّب لي سبباً به عنك تحجبني»([90]). وسيرى القارئ أيضاً ما قصّته زينب ابنة أخيها يحيى المتوّج طرفاً من حياة عمّتها، فتقول: «خدمت عمّتي نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت الليل ولا أفطرت بنهار، فقلت لها: أما ترفقين بنفسك ؟ فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبات لا يقطعها إلاّ الفائزون». وتقول زينب([91]): كانت عمّتي نفيسة تحفظ القرآن وتفسيره([92])، وكانت تقرؤه وهي تبكي وتقول: «إلهي وسيدي، يسِّر لي زيارة قبر خليلك إبراهيم» فاستجاب الرحمان لدعائها، وزارت هي وزوجها إسحاق المؤتمن ابن جعفر الصادق قبر الخليل، ثم رحلا إلى مصر في رمضان سنة 193 هـ([93]). وإنّي أتمثّل في تاريخها ماحباها الله عزّوجل من علم وخلق أشمّ، وما اختصّها الله به من نفحات وكرامات: من معشر حبّهم دين وبغضهم *** كفر وقربهم منجى ومعتصم مقدّم بعد ذكر الله ذكرهم *** في كلّ بدء ومختوم به الكلم