إنّ هذا الطرح الشيّق والعرض العلمي والموضوعي، خليق بأن ينال من النقّاد الحظوة من التقدير، والتشجيع من القرّاء على الاستمرار في هذا الخط المنهجي القويم، وأن يكون أساساً لما بعده من مؤلّفات في هذا الطريق. إنّنا في حاجة إلى دراسة التاريخ دراسة علمية وموضوعية دقيقة، وفي حاجة أشدّ إلى دراسة المذاهب السياسية والفقهية في صورة أعمق ممّا وصل إلينا، من خلال التعرّف على أبرز شخصياتها وعلمائها بكل شجاعة وتصميم، ليعرف القارئ الحقّ من الباطل، بعيداً عن عمليات الرتوش والمسحات التي يطلب منها تجميل الوجوه، وتحسين صورتها أمام الآخرين. ولذلك فانّ هذا الإيحاء الصادق الذي يقوم به بعض الكتّاب والمفكّرين في سبيل اعادة بناء وترميم ما ثُلم من صرح الثقافة الإسلامية، يعتبر في نظري انعكاساً لثورة عارمة أشعل نيرانها هذا الطيف الواسع من المثقّفين الذين استوعبوا هموم الرسالة بجدّ وقوة، وتحمّلوا الصعاب في سبيل ذلك. لو أردنا أن ننصف المؤلّف فيما أطرف به المكتبة العربية الإسلامية من بحوث وكتابات جديرة بالتقدير والثناء لاستوعب منّا ذلك صفحات كثيرة، لكننا نكتفي من هذا القدر الكبير بهذه الإشارة السريعة التي ترسم بعض معالم شخصية وفكر الأستاذ المؤلّف، وتقدّم صورة مختصرة عن بعض مبانيه ومشاريعه الثقافية الرائعة([83])، معبّرين عن مشاعرنا إزاء هذا المشروع الشريف الذي يقوم به، والمنهج القويم الذي سلكه في سفره هذا. ولعلّ أروع ما يستوقف النظر في هذا الكتاب الكريم الذي يتعرّض لسيرة وحياة السيدة الجليلة نفيسة بنت الحسن الأنور، كريمة الدارين، هو ما بلغه الأستاذ المؤلّف من توفيق كبير في طرح أفكار جديرة بالعرض والمناقشة، ونجاح باهر على صعيد إرساء القواعد الثابتة والمحكمة في مسألة التعريف بأهل البيت (عليهم السلام)، ومن المعنىّ بالآية الكريمة