مواصلة الدرب في تعريف الرسالة الإسلامية وصاحبها وأهل بيته الأشراف الطاهرين، وتقديس رموزها منذ الخلافة الراشدة وحتّى وقتنا الحاضر. وحينما يطالع أيّ ناقد سلسلة كتابات هذا الرجل يجده قد توافر على وعي كبير، وثقافة واسعة تلائم مناخات الوسط الذي اكتنفه، فاستطاع بما يمتلك من مواهب مختلفة أن يوظّفها في هذا السبيل، فيخطو خطوات واسعة عبر مشاريعه ونشاطاته الثقافية. فظلّ وفياً لأفكاره ومقدساته، مخلصاً لأهل البيت، أحبّهم من كلّ قلبه، فراح يترجم هذا الحبّ في سلسلة كتابات شيّقة، بذل جهده فيها للتعريف بمكانة شخصيات أهل البيت النبوي، ودورها العلمي والأخلاقي والإصلاحي في المجتمعات التي عاشت فيها. ولذا فهو يصرّح بذلك ويقول في مقدّمته: «إنّني هائم بحبّ أهل البيت، واتّجهت دراساتي بالكامل إلى هذه السيرة العطرة بامعان وبعمق، بل قد أقول إنّي تخصّصت في هذه الدراسة، كلّ ذلك بفضل الله سبحانه». وأول ما يحسّ به الناقد وهو يطالع هذا الكتاب، ويقف على استرسالات المؤلّف التحليلية حول هذا الموضوع أو ذاك، يلمس فيه اتزان العالم الحصيف، ونبوغ الكاتب القدير وإنصافه، وسعيه إلى عدم الانحياز إلى ما تميل به نفسه، حينما يهرع إلى كلمة الحقّ فيبرزها، ويفرّ بنفسه عن كل ما يشوّه هذه الكلمة المقدسة. يضاف إليه ما اتّسم به من براعة في صياغة المادة العلمية الأصيلة في قالب أدبي ينطق روعةً، فيخاطب به كل المسلمين: كبيرهم وصغيرهم، رجالهم ونساءهم، عالمهم وجاهلهم، وليس لفئة دون أُخرى. إنّ من يقرأ كتابات هذا الأستاذ وأعماله الثقافية يقف على سلامة ذهنه وتفكيره، ومتانة أسلوبه وبيانه، وقوة طرحه العلمي والأدبي الشيّق، أرسلها المؤلّف واضحة المعالم، سافرة الأركان، ومن يطالع كتبه في السيرة يخيّل إليه أنّه يعيش مع تلك الشخصية في تلك الحقبة من الزمن، وتتبدّد كل الأوهام التي قد كان يحملها حول تلك الشخصية، أوالشبهات التي كانت عالقة بذهنه تجاهها، لأنّه يواجه عرضاً كاملا لسيرة ومناقب تلك الشخصية، فترفع الستار عمّا كان غامضاً من قبل، وتوضّح الصورة له بشكل تام، وذلك بفضل ما يحيط بعرضه جملة من الأفكار البناءة والقيّمة، وطائفة من النقود والمناقشات لمختلف الشبهات المختلفة حول الموضوع، وسيل من الردود العلمية على التساؤلات المتعلّقة بسيرة وحياة أهل البيت (عليهم السلام).