الثانية: تعزيز امتداد السنّة إلى مديات مختلفة، واستمرار جريانها على كافة الأصعدة، من خلال الاستناد إلى القرآن الكريم وأصول السنّة الصحيحة التي علّمها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أهل بيته، وألقمهم إياها تلقيماً، بعدما دعا الله سبحانه ليذهب عنهم الرجس ويطهّرهم تطهيراً، لأجل توجيه الأنظار باتجاه نقطة مضيئة تعدّ مؤشرّاً تاريخياً كبيراً يصوّر مدى مكانة أهل هذا البيت عند الرسول الأعظم، ومنزلتهم في الإسلام الحنيف. سفينة النجاة: وعلى ضوء ذلك فقد مارس أهل البيت (عليهم السلام) دور المرجعية الإسلامية العليا بعد رحلة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ربّه، واستمرّت هذه الممارسة على طول المراحل التاريخية الطويلة، وفي كافة بقاع العالم الإسلامي وإن كانت بدرجات متفاوتة، نتيجة الظروف السياسية المختلفة التي كانت تحيط بكلّ واحد منهم. حيث كان المسلمون يرجعون إليهم إذا ما داهمتهم المشاكل واستصعبت عليهم الدواهي، ولم يجدوا غيرهم من يحلّ مشاكلهم، سواء في الفتوى والقضاء، أو في السياسة والمعاملات، أو في الأخلاق والعرفان، أو في العقيدة والفلسفة، أو في الحكمة والمعرفة، بل حتّى في المجالات العسكرية والصناعية والزراعية، وحقول الثقافة والتعليم، فكان لهم دور رئاسي بارز، والتاريخ خير شاهد، والمصاديق التي ينقلها كثيرة إذا ما بحثنا في بطون كتب التاريخ والسيرة والحديث([17]). فانطلاقاً من وظيفة الإرشاد والدرس تبنّوا مهمّة تعليم الناس وتوعيتهم، وخاصة طلبة العلوم والمعرفة منهم، ونشروا من خلالها تعاليم الإسلام المختلفة، من علوم القرآن والحديث والفقه والحكمة والفلسفة والعقائد والأخلاق والاجتماع، وبسطوا العلوم العقلية والتقلية بين طبقات المجتمع الإسلامي المتعطّش للعلم والثقافة، فصار يزدحم على أبو أبهم طلاب شتّى