أين؟ فيقول له: إنّي أُجيب داعي الله، فيقول السجّان: ارجع رحمك الله، فيقول: إنّي أجبت دعوتك ربّي فمنعوني، ومازال هذا شأنه إلى أن توفّي في رجب، في يوم الجمعة قبل الصلاة، سنة إحدى وثلاثين ومائتين. * وأبو موسى ابن عبد الأعلى الصدفي([473])، الذي قال فيه الإمام الشافعي: ما رأيت بمصر أعقل من يونس، ممّن زاروا كريمة الدارين، وداوم على زيارتها بعد وفاتها. وكان جليلا ونبيلا، من أهل الفقه والقرآن والحديث، أدرك سفيان بن عُيَيْنَة وكتب عنه، وكان إماماً في القراءات، قال أبو عمر الكندي: كان فقيراً شديد التقشّف، مقبولا عند القضاء. وقال يحيى بن حسّان: يونسكم هذا من أركان الإسلام. وكان ورعاً، صالحاً، عابداً، كبير الشأن. * * * ولم تكن السيّدة نفيسة قد التقت بالإمام أحمد بن حنبل ولو أنّها سمعت عنه عالماً جليلا، انفرد بمذهب خاصٍّ له في الفقه الإسلامي. كذلك الإمام أحمد لم يكن قد رأى كريمة الدارين من قبل، ولو أنّه لا شكّ قد سمع بصلاحها، وألمّ بمظاهر تقواها، ولكن حدث أنّ بشر بن الحارث ـ وكان من كبار الخاصّة الذين يتردّدون على دار السيّدة كريمة الدارين، ويعقدون معها فيها مجالس علم ـ انقطع عن زيارتها، فلمّا سألت عنه، وعلمت بمرضه، ذهبت تعوده في داره، وهناك وجدت الإمام أحمد بن حنبل، فسأل الإمام أحمد صاحب الدار عمّن تكون هذه السيّدة، فلمّا عرف أنّها هي السيّدة نفيسة أحسن تحيّتها، وطلب من بشر أن يسألها لهما صالح الدعوات، وهذا الطلب يدلّ على علمه بمقامها الروحي العظيم، وبدعائها المستجاب. وما كان للسيّدة الكريمة أن تخيّب رجاءهما وهي التي ما اعتادت أن تخيّب لأحد