هلك ووقع في سخط الله وعذابه، وذلك دليل عصمتهم وإلاّ لما كان كلّ متّبع لهم ناجياً، وكلّ مخالف لهم هالكاً، وهذا عامّ مخصوص، كما سيجيء في حديث الثقلين. وليس المراد به إلاّ أئمة أهل البيت، الذين وقع الاتّفاق على تفضيلهم، واشتهروا بالعلم والفضل والزهد والورع والعبادة، واتّفقت الأُمة على عدم عصمة غيرهم، وغير المعصوم لايكون متّبعه ناجياً، ومخالفه هالكاً على كلّ حال. ولا يقصر عنه في الدلالة خبر تسميتهم بباب حِطّة الدالّ على أنّ النجاة في اتّباعهم، والخلاص من الذنوب والمعاصي بالأخذ بطريقتهم. وفي بيان هذا الحديث أيضاً يقول الإمام شرف الدين: وأنت تعلم أنّ المراد من تشبيهم عليهم السلام بسفينة نوح: أنّ من لجأ إليهم في الدين، فأخذ فروع وأُصوله عن أئمتهم الميامين نجا من عذاب النار، ومن تخلّف عنهم كان كمن آوى يوم الطوفان إلى جبل ليعصمه من أمر الله، غير أنّ ذاك غرق في الماء، وهذا في الحميم والعياذ بالله. والوجه في تشبيهم (عليهم السلام) بباب حِطّة، هو: أنّ الله تعالى جعل ذلك الباب مظهراً من مظاهر التواضع لجلاله، والخنوع لحكمه، وبهذا كان سبباً للمغفرة([309]). وهذا وجه الشبه، وقد حاول ابن حجر إذ قال بعد أن أورد هذه الأحاديث وغيرها من أمثالها: ووجه تشبيههم بالسفينة: أنّ مَن أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرفهم، وأخذ بهدى علمائهم، نجا من ظلمة المخالفات، ومَن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النِعَم، وهلك في مفاوز الطغيان... إلى أن قال: وبباب حِطّة ـ يعني ووجه تشبيههم بباب حِطّة ـ: أنّ الله تعالى جعل دخول ذلك الباب الذي هو باب أريحا أوبيت المقدس مع التواضع والاستغفار سبباً للمغفرة، وجعل لهذه الأُمة مودّة أهل البيت سبباً لها([310]).