الأنبياء (عليهم السلام) نفسها، وشعورٌ بالامتداد التاريخيّ العريق لهذا الوجود الإنساني في الحاضر. الذكرى الثالثة: ذكرى انطلاقة الإسلام من هذه الأرض الطاهرة المقدّسة. فكلّ نقطة من مكّة إلى المدينة تحكي حادثةً وتفصح عن: انطلاقة الجماعة المسلمة، وثورتها بوجه الكفر والشرك والطاغوت، وثباتها وعذابها وهجرتها، وعن نزول القرآن الكريم في هذه الديار، وعن التطبيق الإسلامي له، وعن جهاد المسلمين المتواصل بعد الهجرة. عشرات الحروب والغزوات خاضها المسلمون في عشر سنين كلّها عذابٌ مقدّس وألمٌ جميل في سبيل العقيدة العظمى. والواقع أنّ الأماكن الموحية كثيرة كثيرة، وكما قلنا: فإنّ كلّ قطعة تحمل ذكريات وذكريات لها أثرها في رفد شعور المسلم بما يترك أعظم الأثر في تصوُّراته وعواطفه. سادساً ـ العيد: والعيد الإسلامي لا يأتي إلاّ بعد عمليّة عباديّة تربويّة كبرى للإنسانيّة. فعيد الفطر يأتي بعد عمليّة الصوم المربّية للإنسانيّة، وعيد الأضحى يأتي بعد عمليّة الحجّ المربّية لها. والعيد يحمل معاني كبيرة في المفهوم الإسلامي، إنّه: يوم الفرحة بالانتصار على نوازع النفس والشيطان، ويوم العودة إلى الفطرة الأصيلة، ويوم انتصار التضحية والدم على الطاغوت والشيطان، ويوم تسلُّم جوائز الله بعد قضاء شهر في ضيافته أو أيّام في حَرَمِه. وهو يوم التوبة، والتطهير، والزكاة: زكاة التطهير، وزكاة التنمية. وهو عيد الإحساس بآلام الفقراء وأطفالهم ومواساتهم، ومشاركتهم آلامهم.
