ذات زرع عند بيت الله المحرّم امتثالاً لأمر الله. * والاُم الوالهة المستسلمة للأمر وهي تبحث عما يروي ظمأ الرضيع بين جبلين فلا تجد شيئاً وتتفجّر زمزم تحت قدمي الطفل. * والولد الشابّ القويّ الذي يخبره والده: بأنّ الله يأمره أنْ يستسلم لسكّين الذبح بيد والده، فيقول بكلّ ثبات: (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إنْ شاء الله من الصابرين) ([68]). كلّ هذه الذكريات تتجلّى للحاجّ فتملأ مشاعره بمعان لا تُنسى، تترك آثارها ـ إن كان واعياً ـ على كلّ حياته. الثانية: ذكرى تاريخ البيت العتيق: على يد آدم (عليه السلام) أبي البشريّة يُبنى البيت العتيق ليتعبّد فيه... ويظلّ محور التاريخ المشرق، ويُجدّد بناؤه على يد إسماعيل وإبراهيم (عليهما السلام)، ويأتي التجديد الثالث في عصر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ليضع الرسول الأمين (صلى الله عليه وآله) الحجر الأسود بيده في مكانه المعين. إنّ البيت ـ والحال هذه ـ يشكّل محور التوحيد في الأرض والتاريخ، كما يشكّل حلقة الوصل بين الفترات النبويّة في التاريخ، وهو بالتالي يحكي جهاد عباد الله الصالحين وطوافهم به. وما أجمل تعبير الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهو يعمل على تربية مشاعر الطائفين بالبيت، إذ يقول: «واختار من خلقه سمّـاعاً أجابوا إليه دعوته، وصدّقوا كلمته، ووقفوا مواقف أنبيائه، وتشبَّهوا بملائكته المطيفين بعرشه...» ([69]). فهم يشعرون حسّاً بأنّهم: يضعون أقدامهم حيث وضع الأنبياء (عليهم السلام) أقدامهم وفي ذلك شعورٌ بالارتباط بالمسيرة المؤمنة عبر التاريخ، وشعورٌ بحمل الأمانة التي حملها