عبثر بن القاسم، عن أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) طاف للحجّ والعمرة طوافاً واحداً ([591]). فدلّت هذه الروايات: على أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) ما فعل سوى الحجّ المفرد، وحينئذ فالتصريح بالحجّ والعمرة لعلّه كان تفسيراً لكلمة القِران على غير حدّه; لأنّ المقصود بالقِران ـ كما في رواياتنا ـ: أن يحجّ الحجّ المفرد سابقاً للهَدي، وقد سقنا هذه الروايات آنفاً، فيكون القِران هو الحجّ المفرد نفسه، ويمتاز عنه بسياق الهَدي. ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى الروايات المذكورة ـ: ما رويناه في حجّ النبي (صلى الله عليه وآله): من أنّه لم يقم بأعمال العمرة، وإنّما أهلَّ ثمَّ طاف ثمَّ سعى، ثمَّ وقف بعرفة والمزدلفة ومِنى، ثمَّ نزل مكّة ([592])، وفي رواية ابن ماجة: «صلّى الظهر» ([593])، وفي رواية النسائي: «أنّه طاف» ([594])، وهذا كلّه إنّما يكون حجّاً مفرداً لا حجّ قِران، بمعنى: جمع بين حجّ وعمرة، وهكذا فعل من جمع بين الحجّ والعمرة، فهو حقيقة حجّ الإفراد وإن عُبِّر عنه بالجمع بين الحجّ والعمرة، مع أنّه لو لاحظنا إلى جنب ذلك ما أمر به الرسول (صلى الله عليه وآله) من الإحلال يتّضح: أنّ هذا الفعل إنّما فعله من ساق الهدي، فيتأكّد ما احتملناه من هذه العبارة: أنّه تفسير لكلمة القِران، لم يقع على وجهه الصحيح. ويؤيّد ما ذكرناه ـ من أنّه تفسير لكلمة القِران على غير حدّه ـ ما ورد في: 9 ـ (سنن البيهقي): فقد أخرج البيهقي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي بنيسابور، وأبو حفص عمر بن محمد الجمحي بمكّة قالا: حدّثنا علي بن عبد العزيز، حدّثنا إبراهيم بن زياد سبلان، حدّثنا عبّاد بن عبّاد، حدّثنا عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة قالت: منّا من أهلَّ بالحجّ