أعطك »، وولاّه خراسان([364]). فكان أكبر بني أُميّة أعظمهم أملاً في الخلافة بعد معاوية، وكان بغضهم لبيعة يزيد على قدر أملهم فيها، وهؤلاء ـ وإن جمعتهم مصلحة الأُسرة فترة من الزمن ـ لم تكن منافستهم هذه ليزيد بالعلامة التي تؤذن بالبقاء وتبشّره بالضمان والقرار. وعلى هذا النحو ولدت بيعة يزيد بين التوجّس والمساومة والإكراه، وبهذه الجفوة قوبلت بين أخلص الأعوان وأقرب القرباء. وظهر من اللحظات الأُولى أنّ المغيرة بن شعبة كان سمساراً يصافق على ما لا يملك.. فقد ضمن الكوفة والبصرة ومنع الخلاف في غيرهما. فإذا الكوفة أوّل من كره بيعة يزيد، وإذا البصرة تتلكّأ في الجواب وواليها يرجئ الأمر ويوصي بالتمهّل فيه فلا يقدم عليه معاوية في حياته، وإذا أطراف الدولة من ناحية همذان تثور، وإذا بالحجاز يستعصي على بني أُميّة سنوات، وإذا باليمن ليس فيها نصير للأُمويين، ولو وجدت خارجاً يعلن الثورة عليهم لكانت ثورتها كثورة الحجاز. بل يجوز أن يقال ـ ممّا ظهر في حركة الحسين كلّ الظهور ـ: إنّ الشام نفسها لم تنطو على رجل يؤمن بحقّ يزيد وبطلان دعوى الحسين. فقد كانوا يتحرّجون من حرب الحسين ويتسلّل من استطاع منهم التسلّل قبل لقائه، إلاّ أن يهدّد بقطع الأرزاق وقطع الرقاب.