فهي بيعة نشأت في مهد الدسّ والتمليق، ولم يجسر معاوية عليها حتّى شجّعه عليها من له مصلحة ملحّة في ذلك التشجيع. * * * كان المغيرة بن شعبة والياً لمعاوية على الكوفة، ثمّ همّ بعزله وإسناد ولايته إلى سعيد بن العاص جرياً على عادته في إضعاف الولاة قبل تمكّنهم، وضرب فريق منهم بفريق حتّى يعينه بعضهم على بعض ولا يتّفقوا عليه. فلمّا أحسّ المغيرة نيّة معاوية، قدم الشام ودخل على يزيد وقال له كالمستفهم المتعجّب: ـ « لا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة ؟ ». ولم يكن يزيد نفسه يصدّق أنّه أهل لها أو أنّ بيعته ممّا يتمّ بين المسلمين على هيّنة. فقال للمغيرة: ـ « أوَ ترى ذلك يتمّ ؟ ». فأراه المغيرة أنّه ليس بالعسير إذا أراده أبوه.. وأخبر يزيد أباه بما قال المغيرة، فعلم هذا أنّ فرصته سانحة وأنّه سيبادل معاوية رشوة آجلة برشوة عاجلة.. يرشوه بإعانته على بيعة يزيد، ويأخذ منه الرشوة ببقائه على ولاية الكوفة إلى أن يقضي في أمر هذه البيعة، وله في التمهيد لها نصيب. فلمّا لقى معاوية سأله هذا عمّا أخبره به يزيد، فأعاده عليه وهو يزخرفه له بما يرضيه. قال: