فاقترح عليه أن يبعث إلى الحسين من أشراف الكوفة من ليس يغني في الحرب عنهم.. فأبى ابن زياد إلاّ أن يسير إلى الحسين أو ينزل عن ولاية الري.. فسار على مضض وجنوده متثاقلون متحرّجون، إلاّ زعانف المرتزقة الذين ليس لهم من خلاق([356]). وكان جنود الجيش يتسلّلون منه ويتخلّفون بالكوفة.. فندب عبيد الله رجلاً من أعوانه ـ هو سعد بن عبد الرحمان المنقري ـ ليطوف بها ويأتيه بمن تخلّف عن المسير لقتال الحسين، وضرب عنق رجل جيء به وقيل: إنّه من المتخلّفين، فأسرع بقيّتهم إلى المسير([357]). وقد أدرك الجيش الحسين وهو بكربلاء على نحو من خمسة وعشرين ميلاً إلى الشمال الغربي من الكوفة. نزل بها في الثاني من المحرّم سنة إحدى وستّين. وخلا الجوّ في الكوفة لرجلين اثنين يسابق كلاهما صاحبه في اللؤم وسوء الطويّة، وينفردان بتصريف الأمر في قضيّة الحسين دون مراجعة من ذي سلطان. وهما: عبيد الله بن زياد، وشمر بن ذي الجوشن. عبيد الله المغموز النسب الذي لا يشغله شيء، كما يشغله التشفّي لنسبه المغموز من رجل هو بلا مراء أعرق العرب نسباً في الجاهليّة والإسلام.. فليس أشهى إليه من فرصة ينزّل فيها ذلك الرجل على حكمه، ويشعره فيها بذلّه ورغمه.