حلاله، وأنا أحقّ من غيري. وقد أتتني كتبكم ورسلكم ببيعتكم وأنّكم لا تسلّمونني ولا تخذلونني، فإن بقيتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم، وأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، نفسي مع أنفسكم وأهلي من أهلكم، فلكم فيّ أُسوة. وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدي وخلعتم بيعتي، فلعمري ما هي لكم بنكير، والمغرور من اغترّ بكم، فحظّكم أخطأتم ونصيبكم ضيّعتم، ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه، وسيغني الله عنكم، والسلام ». فأنصت الحرّ بن يزيد وأصحابه، ثمّ توجّه إليه يحذّره العاقبة وينبّئه: « لئن قاتلت لتقتلنّ ! ». فصاح به الحسين: ـ « أبالموت تخوّفني !.. ما أدري ما أقول لك ؟.. ولكنّي أقول كما قال أخو الأوس لابن عمر وهو يريد نصرة رسول الله، فخوّفه ابن عمر وأنذره أنّه لمقتول، فأنشد: سأمضي وما بالموت عار على الفتى *** إذا ما نوى خيراً وجاهد مسلما وآسى الرجال الصالحين بنفسه *** وخالف مثبوراً وفارق مجرما فإن عشت لم أندم وإن مت لم أُلم *** كفى بك ذلاً أن تعيش وترغما([349]) » * * * ثمّ سار الركبان ينظر بعضهما إلى بعض كلّما مال الحسين نحو البادية