ولم يكن أهون لديه من قطع الأيدي والأرجل والأمر بالقتل في ساعة الغضب لشبهة ولغير شبهة. ففي ذلك يقول مسلم بن عقيل ـ وهو صادق مؤيّد بالأمثال والمثلات ـ: « ويقتل النفس التي حرّم الله قتلها على الغضب والعداوة وسوء الظنّ، وهو يلهو ويلعب كأنّه لم يصنع شيئاً »([298]). وقد كانت هذه الضراوة على أعنفها وأسوئها يوم تصدّى عبيد الله بن زياد لمنازلة الحسين ; لأنّه كان يومئذ في شرّة الشباب([299]) لم يتجاوز الثامنة والعشرين، وكان يزيد يبغضه ويبغض أباه ; لأنّه كان قد نصح لمعاوية بالتمهّل في الدعوة إلى بيعة يزيد([300])، فكان عبيد الله من ثمّ حريصاً على دفع الشبهة والغلو في إثبات الولاء للعهد الجديد. والذين لم يمسخوا في جبلتهم وتكوينهم هذا المسخ من أعوان يزيد بن معاوية، كان الطمع في المناصب والأموال واللذات قد بلغ ما يبلغه المسخ من تحويل الطبائع وطمس البصائر ومغالطة النفوس في الحقائق. * * *