الإسلام تحتمل التأويلين، ولكنّ معاوية كان يؤدّي الفرائض ويتبرّك بتراث النبي ويوصي أن تدفن معه أظافره التي حفظها إلى يوم وفاته([277]). وليس بيسير علينا أن نفهم كيف ينشأ معاوية الثاني على تلك التقوى وذلك الصلاح وهو ناشئ في بيت مدخول الإسلام، يتصارح أهله أحياناً بما ينمّ على الكفر به أو التردّد فيه. إنّما هي الأثرة، ثمّ الخرق في السياسة، ثمّ التمادي في الخرق مع استثارة العناد والعداء، وفي تلك الأثرة ولواحقها ما ينشِئ المقابلة من أحد طرفيها في هذه الخصومة، ويتمّ المناظرة في شتّى بواعثها بين ذينك الخصمين الخالدين، ونعني بهما هنا المثاليّة والواقعيّة، وما الحسين واليزيد إلاّ المثالان الشاخصان منهما للعيان.