ولكنّ الحقيقة التي ينبغي أن نذكرها في هذا المقام: أنّ معاوية بن أبي سفيان لم يكن ليرث شيئاً من هذه السيادة التي كان قوامها كلّه وفرة المال ; لأنّ أبا سفيان ـ على ما يظهر ـ قد أضاع ماله في حروب الإسلام، ولم يكن له من الوفر ما يبقى على كثرة الوارث([251]). وروي: أنّ امرأة استشارت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في التزوّج بمعاوية، فقال لها: « إنّه صعلوك ! »([252]). * * * كذلك ينبغي أن نذكر حقيقة أُخرى في هذا المقام، وهي: أنّ معاوية لم يكن من كتّاب الوحي كما أشاع خدّام دولته بعد صدر الإسلام، ولكنّه كان يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عامّة الحوائج وفي إثبات ما يجبى من الصدقات وما يقسم في أربابها، ولم يسمع عن ثقة قط أنّه كتب للنبي شيئاً من آيات القرآن الكريم. وعرفت لمعاوية خصال محمودة من خصال الجدّ والسيادة كالوقار والحلم والصبر والدهاء، ولكنّه ـ على هذا ـ كان لا يملك حلمه في فلتات تميد بالمُلك الراسخ، ومنها قتله حجر بن عدي([253]) وستّة من أصحابه ; لأنّهم