صلاتك سجدة أطلتها حتّى ظنّنا أنّه قد حدث أمر أو أنّه يوحى إليك » قال: « كلّ ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله »([208]). وقام (عليه السلام) يخطب المسلمين، فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل (عليه السلام) من المنبر، فحملهما ووضعهما بين يديه، ثمّ قال: « صدق الله ! (إنّما أموَالُكُمْ وأولادُكُم فِتنَة)([209])، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتّى قطعت حديثي ورفعتهما »([210]). * * * ولا يوجد مسلم في العصر القديم أو العصر الحديث يحبّ نبيّه كما يحبّ المؤمنون أنبياءهم، ثمّ يصغر عنده حساب هذا الحنان الذي غمر به قلبه الكريم سبطيه وأحبّ الناس إليه. فبهذا الحنان النبوّي قد أصبح الحسين في عداد تلك الشخوص الرمزيّة التي تتّخذ منها الأُمم والملل عنواناً للحبّ، أو عنواناً للفخر، أو عنواناً للألم والفداء.. فإذا بها محبوب كلّ فرد ومفخرته وموضع عطفه وإشفاقه، كأنّما تمتّ إليه وحده بصلة القرابة أو بصلة المودّة.