وما من رجل فاز حيث ينبغي أن يخيب كما قد فاز يزيد بن معاوية في حربه للحسين، وما اختصم رجلان كان أحدهما أوضح حقّاً وأظهر فضلاً من الحسين في خصومته ليزيد بن معاوية. والموازنة بين هذين الخصمين هي في بعض وجوهها موازنة بين الهاشميين والأُمويين من بداءة الخلاف بين الأُسرتين، وهي موازنة حفظت كفّتيها على وضعهما زهاء سبعة قرون، فلم يظهر في هذه القرون أُموي قح، إلاّ ظهرت فيه الخصال الأُمويّة المعهودة في القبيلة بأسرها، ولم يظهر في خلالها هاشمي قح، إلاّ رأيت فيه ملامح من تلك الخصال التي بلغت مثلها الأعلى في محمّد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم). والهاشميون والأُمويين من أرومة([176]) واحدة ترتفع إلى عبد مناف، ثمّ إلى قريش في أصلها الأصيل. ولكنّ الأسرتين تختلفان في الأخلاق والأمزجة وإن اتّحدتا في الأرومة.. فبنو هاشم في الأغلب مثاليون أريحيون ولا سيّما أبناء فاطمة الزهراء، وبنو أُميّة في الأغلب الأعمّ عمليون نفعيون ولا سيّما الأُصلاء منهم في عبد شمس من الآباء والأُمّهات. وتفسير هذا الاختلاف مع اتّحاد الأرومة غير عسير.. فإنّ الأخوين في البيت الواحد قد يختلفان في الأخلاق والأعمال، كما يختلف الغريبان من أُمّتين بعيدتين تبعاً لاختلاف سلسلة الميراث في الأُصول والفروع، على ذلك النحو الذي يأذن أحياناً باختلاف الألوان والملامح في نسل واحد،