ومن عجائب الحيل التي تحاول بها الغرائز الإنسانيّة أن تبقى وجودها وتمضي لطيّتها، أنّ بني أُميّة انتفعوا من حرب الإسلام للعصبيّة في تعزيز عصبيتهم، فجعلوها حجّة على بني هاشم: أنّ النبوّة لا تحصر الأمر فيهم، وأنّ الأنبياء لا يورّثون([163]). وإذا نهضت هذه الحجّة على بني هاشم، فبنو أُميّة أقوى المنتفعين بها من بطون عبد مناف ! وقد أوجبت الضرورة قبل المجاملة في هذه المنافسات فترة من الزمن على عهد معاوية بن أبي سفيان، فكان يلطف القول إلى أبناء علي ويواليهم بالهدايا والمجاملات، ولكنّه كان مضطراً إلى مجاملة آل علي ومضطراً إلى تنقّص علي والغضّ من دعواه، فكان بذلك مضطراً إلى النقيضين في آن ] واحد [. إنّه ملك، وبايع بالملك ليزيد وهو يعلم أنّه غالب بالسلاح والمال