تقديم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله الرحمة المهداة والنعمة المسداة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على منوال دينه واتبع منهاج شريعته إلى يوم الدين. وبعد، فإن الأمة الإسلامية أصبحت بحاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الأخذ بأسباب الوحدة والتكاتف، حتى تستطيع أن تأخذ مكانتها اللائقة، وتمارس دورها الفعال بين أمم العالم في ظروف تضمن لها القدر الذي تستحقه من الإجلال والاحترام، وتتجلى فيها عزة المسلمين على النحو الذي أرشدهم إليه ربهم في كتابه الكريم حين قال: }ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين{ (المنافقون: 8). ولن تستطيع الأمة الإسلامية أن تحقق ذلك إلا إذا أخذت بأسباب الوحدة الكاملة التي تدفع بها دفعاً إلى القدرة على مواجهة التكتلات العالمية في ظل ظروف دولية معاصرة لا تعترف في مجال التخاطب المتكافئ والتعامل الندي إلا بالتكتلات الدولية القوية البعيدة عن عوامل التفكك، وذرائع الخلاف. .. والخلاف في الرأي سنة كونية في المسائل التي تحتمل الخلاف، بل هو في تلك المسائل يمثل ظاهرة صحيحة يمكن أن تصل بكل من أصحاب الآراء المختلفة إلى تحقيق أقوالهم وتمحيصها بما يوافق الحق، أو يحقق المصلحة، فهو في هذا الإطار يعد مدخلاً للإصلاح ووسيلة للتثبت والمراجعة، فلا يضل صاحب الرأي الأوحد ولا يحرم من الاستفادة بما في آراء الآخرين من خير، ولعل ذلك المعنى هو الذي يظهر حكمة الخالق ـ سبحانه ـ حين أوجد الناس مختلفين في قدراتهم الفكرية ونظراتهم العلمية، وفقاً لما أودعه في دينه من أحكام، وما أوجده