لذلك كان أثره الواضح على المصلحين الهنود بميلهم نحو التأويل الحر المعتدل للإسلام كتأويل النصوص الدالة على تحرير المرأة وهي من القضايا الجديدة أبرزها الاحتكاك بالحضارة الأوربية وفي نفس الوقت ليست خارجة على الإسلام والابتعاد عن الوقوف المتصلب أمام النصوص. وكان المحرك الدافع للحركة الإصلاحية الهندية الكبرى: «السير» سيد أحمد خان الذي عمل موظفاً في الإدارة البريطانية، وكان وراء عائلته تقليد إسلامي طويل غني، وقد ولد أحمد خان سنة 1817 وحمل من إقامته الطويلة في إنجلترا يقيناً بأن على المسلمين، إذا كانوا لا يريدون البقاء في أسفل الحائط، أن يختاروا طرق الغرب الفكرية والفنية. ولكي يعطي أبناء دينه الأدوات الفكرية اللازمة فقد أسس «جامعة عليكرة» الإنجليزية الشرقية، وكانت طرق التعليم فيها هي طرق جامعتي: أكسفورد وكامبردج نفسها. ولكي يتجنب النقد العنيف من جانب العلماء المحافظين، المعادين للتجديد، من هذا النوع، فقد اتخذ بعض الحكام المسلمين، الذين هم فوق كل شك من ناحية التجديد كحماة لهذه الجامعة الفنية. 4- محمد إقبال وكان إنشاء هذه الجامعة على النظام الغربي له أثره في القضاء على العداوة التي أشعلها جمال الدين ضد إنجلترا. ويسّرت الطريق أمام المصلحين الهنود على عقد أواصر التعاون بينهم وبين البريطانيين. فأصبح أمير على عضوا في مجلس التاج الاستشاري. والشاعر المفكر السير محمد إقبال، ورغم أنه متشبع تماماً بالروح الأوربية، بعد إقامة طويلة في إنجلترا وألمانيا، فإنه لم يكن من أنصار المستغربين. ولكنه كان يفكر في إيجاد القواعد الديموقراطية حقيقية للجماعة الإسلامية، ديموقراطية النبي والخلفاء الأربعة الأولين. وهي نفس الدعوة التي دعا إليها المصلحون المصريون: لذلك جاءت ديموقراطية محمد إقبال قريبة الشبه من المصلحين المصريين.