1- جمال الدين الأفغاني ويقال إنه نشأ في كابول أو في ضواحي إيران ـ وحياته لم تعرف الراحة أبدا. فقد كان مستشار الترك وشاه العجم، وألقى دروساً في الأزهر في القاهرة، وقضى عدة سنوات في الغرب وارتاح في الأستانة ـ تركيا. وكان جمال الدين الأفغاني وهو العالم الإسلامي داعية سياسيّاً قبل كل شيء، ومصلحا إسلاميّاً أحيا موات العقول؛ لأنه بشر بجميع الوسائل، ليس ضد السيادة الأجنبية فقط بل ضد الملوك المسلمين المستبدين أنفسهم وضد أنظمتهم المتصدعة. وإذا كان جمال الدين قد أثر تأثيراً غير عادي في العالم الإسلامي فهو قد أيقظ النفوس أكثر مما دلها على طرق جديدة. 2- محمد عبده لازمه وزامله وتتلمذ عليه، ونجح في تعميق أفكار أستاذه، وذلك بأن جعل منها طريقة مذهبية متلاحمة. وهذه الروح الكبيرة لهذا الرجل الذي كان من أكبر المصلحين في الإسلام في العصر الحديث، ولد في قرية من قرى مصر، وقد اصطدم بمعارضات كثيرة من أعداء التجديد، وأعداء كل فكرة إصلاحية، فاضطر إلى ترك البلاد بعض الوقت – ثم عاد إليها وعين مفتياً للديار المصرية، وتوفاه الله 1905م بعد مضى تسع سنوات على وفاة جمال الدين. وإذا كان هذا قد بشر بالثورة كوسيلة لخلاص المسلمين، فإن محمد عبده كان يبث إصلاحا روحيّاً للجماعة الإسلامية في رأسها وأعضائها. وكانت تعاليمهما القاعدة الأساسية لكل حركة إصلاحية جاءت بعدها ثم تطورت تلك الأفكار الإصلاحية مع كل حركة إصلاحية وانتشرت أفكارهما مع انتشار المراكز الإسلامية، وأخذ مفهوم الأمة الإسلامية يطفو على السطح مع مفاهيم «الجامعة الإسلامية» الذي بثه جمال الدين «والسلفية» في مقابل، الأساليب الغربية أو «المستغربين» وكان يدل هذا الاسم وحده على أن السلفيين لا يرون تقليد «أوربا» وليس الحل الأوربي هو الوسيلة الوحيدة للإصلاح بل يعتقدون أنهم يجدون في الإسلام الحل الوحيد الذي يتفق