يقول أحد العلماء في حقّه بلحاظ هذا المنهج ممن كان قد اطلع على أحد كتبه العلمية المعروفة والمفقودة في الوقت الحاضر (وقع إلى من هذا لكتاب – تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة – مجلد واحد، وقد ذهب من أوله أوراق وهو كتاب (النكاح)، فتصفحته ولمحت مضمونه، فلم أرَ لأحد من هذه الطائفة كتاباً أجود منه ولا أبلغ ولا أحسن عبارة ولا أدق معنى، وقد استعرض فيه الفروع والأُصول وذكر الخلاف في المسائل وتحدث على ذلك واستدل بطرق الإمامية وطرق مخالفيهم…). ثم يشهد العلامة الحلّي بعد نقل هذا الكلام عن السيد صفي الدين محمد بن سعد: (وأقول أنا: قد وقع إليّ من مصنفات هذا الشيخ المعظم الشأن كتاب [الأحمدي في الفقه المحمدي] وهو مختصر هذا الكتاب، وهو كتاب جيد يدل على فضل الرجل وكماله وبلوغه الغاية القصوى في الفقه وجودة النظر، وإن ذكرت خلافه وأقواله في كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة) ([18]). د – الابتعاد عن التعصب في الحركة العلمية والثقافية والاستفادة من جميع الإمكانات الفعلية، ومنها استخدامه طريقة المعتزلة في الحوار والمناظرة، بحيث أدى ذلك إلى اتهام بعض علماء الجمهور المتعصبين له بسرقة هذا المنهج من المعتزلة، مع انّ منهج الإمامية في حرية التفكير والمناظرة له تاريخه العريق والمتجذر الذي ينتهي إلى تاريخ أئمة أهل البيت عليهم السلام وعصر الصادقين (عليهما السلام) على الأقل. وبذلك نخلص إلى تبيّن وجود مثال آخر تقريبي يمثل مدرسة أخرى، وهي مدرسة البغداديين التي تبلورت بعد ذلك على يد الشيخ المفيد والسيد المرتضى، واستقرت على يد الشيخ الطوسي. كما انه مثال يعبّر عن المرجعية السياسية الدينية العامة التي يعتبر من أهم معالمها تقديم مصالح الأمة على مصالح الشخص والجماعة.