وموضوعية كاملة. وعندما تلقى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي الدعوة الإيرانية لعقد مؤتمر التقارب في طهران، وجد فضيلته ـ ومعه علماء مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، أهمية المشاركة في هذا المؤتمر خاصة وأن انعقاده يأتي في مرحلة أحوج ما تكون فيها الأمة الإسلامية إلى توحيد كلماتها، والتصدي للهجمة الضارية التي تشن ضد الإسلام والمسلمين. وبدأ الإعداد بدعوة عدد من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بإعداد البحوث والدراسات في الموضوعات الجديرة بالمناقشة، وتشكل الوفد برئاسة وكيل الأزهر الشيخ محمود عبد الغني عاشور نائباً عن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وضم عدداً من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية ورئيس المجمع. وكان ذلك هو أكبر وفد من الأزهر بل أكبر وفد مصري يزور إيران على مدى العشرين سنة الماضية. إيران .. شيء مختلف وجدت إيران شيئاً يختلف كل الاختلاف عن الصورة التي كانت لها في ذهني. بدا واضحاً منذ البداية أن كل شيء يوحي بالأهمية القصوى لهذا المؤتمر، فهناك كلمة موجهة من قائد الثورة الإسلامية إلى المؤتمرين. وهناك آية الله هاشمي رفسنجاني الذي افتتح المؤتمر بما يشبه المحاضرة الدينية والسياسية التي تناولت أموراً عدة على قدر كبير من الأهمية، فقد تحدث عن فكرة التقريب وأهميتها، وتحدث عن أحوال الأمة الإسلامية وواقعها، وعرج على ما يجري في فلسطين مؤكداً على أنه لو كان الحال بين مصر وإيران مختلفاً، وكانت الأمور بين البلدين على ما يرام، لكان الحال في فلسطين أفضل مما يجري الآن، لأن مصر ـ كما قال ـ هي قلب الأمة الإسلامية وحصناً من حصون الإسلام، وأن أزهرها الشريف هو رائد التقريب بين المسلمين وحامل لوائه. وتحدث عدد آخر من آيات الله ـ وجميعهم من الشخصيات الدينية التي تربت في الحوزة الدينية في قم والذين يحتلون مواقع ومكانة خاصة في سدة الحكم، منهم آية الله الحكيم رئيس المجلس الأعلى للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ومنهم محمد واعظ زادة الخراساني الأمين العام للمجمع، ومحمد علي التسخيري رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، وآية الله احمد الجنتي عضو مجلس صيانة الدستور، والدكتور عبد الكريم الشيرازي رئيس جامعة المذاهب الإسلامية .. وآخرون. وعلى الجانب المصري، كانت كلمة الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر والتي أحدثت صدى قوياً داخل المؤتمر وخارجه، عندما أشار إلى أن الأزهر الشريف كان أول من دعى للجهاد في فلسطين إذا ما فشلت محاولات السلام التي يتفاوض بشأنها الفلسطينيون مع الأطراف الأخرى. ثم كانت أوراق العمل التي قدمها الدكتور محمد رأفت عثمان عميد كلية الشريعة، والدكتور عبد المعطي بيومي عميد كلية أصول الدين، والدكتور محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد إبراهيم الفيومي عضو المجلس، والشيخ علي فتح الله رئيس قطاع المعاهد الأزهرية ثم كان البحث الذي قدمه الكاتب الصحفي فهمي هويدي، والذي أرخ فيه لفكرة التقريب بين المذاهب ونشأتها ومؤسساتها والظروف التي عملت في إطارها، وكانت تلك هي أهم الأوراق التي حظيت باهتمام واضح في جلسات المؤتمر ومناقشاته.