بأصل واحد هو الكتاب والسنة. وليس معنى هذا أن في الكتاب خلافاً، فالمسلمون بحمد الله متفقون في كتابهم مجمعون على مابين الدفتين، وهذا فخر ليس فوقه فخر تنفرد به هذه الأمة دون غيرها من سائر الشعوب. وكذلك ليس معناه أن في السنة خلافاً، بمعنى أن البعض يقبل ما صدر عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والبعض لا يقبله، معاذ الله، فالمسلمون يتفقون في وجوب الأخذ بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ولكنهم قد يختلفون في الفهم أو التفسير أو في أن هذا صدر عن الرسول الأعظم أو لم يصدر. أما من لا يأخذ بما أمر به الرسول فليس بمسلم. فالآراء الاجتهادية إذن، يجمعها الكتاب والسنة، وليس بعد هذا من وفاق. أما الخلاف الذي لا نرحب به ولا نقبله، بل نرفضه ونقاومه، فهو الخلاف الذي تمليه الكراهية والبغضاء، وتغذية الشبه والأوهام، ويوجد البلبلة في صفوف الأمة، ويؤدي إلى تفريق كلمة المسلمين. ذلك خلاف لا يتفق والخلق الإسلامي، ولا يستند إلى المعارف الإسلامية، حمل لواءه مؤلفون كتبوا قبل التثبت تارة، وبداعي الغرض والهوى تارات، فسودوا صحيفة الشيعة في نظر أهل السنة، وسودوا صحيفة أهل السنة في نظر المتشيعين بعضهم خلط بين أهل السنة والنواصب، وأكثرهم خلطوا بين الشيعة والغلاة، وبينها وبين الفرق البائدة، وألقصوا بها آراء لا تمت إليها بصلة، بل الشيعة منها براء. -6- أثارت جهود التقريب جدلا كبيرا، حيث شاع بين قطاعات ليست قليلة من المسلمين أن مقصدها في نهاية المطاف هو توحيد المذاهب، باعتبار أن هذه هي الصيغة المثلى لفض الاشتباك وإنهاء الخلافات. لذلك دأبت مجلة رسالة الإسلام على نفي هذه الفكرة، والإلحاح على أن هدف التقريب مختلف إلى حد كبير.