بسم الله الرحمن الرحيم من أسف أن نقرأ غير قليل أن المسلمين مشغولون بالتفريق وليس بالتقريب، وليس ذلك مقصوراً على عوام المسلمين وحدهم، ولكنه ينطبق أيضاً على النخبة من المثقفين وأهل العلم. ولعل الجدل الذي يثار في وسائل الإعلام بين الحين والآخر حول الموضوع، يعد نموذجاً لتجليات التفريق التي مازالت مترسبة بين أصحاب المذاهب الإسلامية. -1- ومما يلاحظه المرء فيما يخص أهل العلم أنهم في السابق – الأربعينيات مثلا – كانوا أكثر حماساً للتقريب بين المذاهب، من أقرانهم في التسعينيات، الأمر الذي يدعونا إلى التفكير في الأسباب التي أدت إلى ذلك. لن أعمم، لكني سأضرب مثلا بعلماء الأزهر الشريف، الذي هو أقدم وأعرق جامعة إسلامية، حيث أزعم أنني قريب من أجوائه في مصر، بحكم الاعتبار الجغرافي على الأقل. وإذا ألقينا السؤال: لماذا كان حماس أهله في الأربعينيات للتقريب أكبر وأوضح منه في التسعينيات؟ فإن الإجابة الحاضرة في ذهني الآن هي: إن الفرق بين المرحلتين يكمن في اختلاف طبيعة العلاقة بين العلماء والسلطة في كل منهما. ففي ذلك الوقت المبكر كان الأزهر وعلماؤه يتمتعون بقدر من الاستقلال سمح لهم بأن يتخذوا مواقف ويعبروا عن آراء حرة يبتغون بها وجه الله، دون أن يكون للسلطة شأن بها. وكان ذلك بعضا من تجليات المرحلة الليبرالية النسبية التي عاشتها مصر آنذاك. في التسعينيات، في ظل استمرار تراجع الهامش الديمقراطي وتعاظم دور الدولة، لم يكن