النظامية سنة 1918 متفوقاً فقد كان أول الناجحين في هذه الشهادة. قيامه بالتدريس بعد أن تخرج الشيخ محمود شلتوت في الأزهر الشريف بحصوله على شهادة العالمية النظامية تم تعيينه مدرساً بالمعهد الذي التحق به في أول حياته الدراسية، وهو معهد الإسكندرية الديني، وكان ذلك في عام 1919، وظل يقوم بالتدريس بهذا المعهد حتى سنة 1927 حيث نقل إلى القاهرة ليشغل وظيفة مدرس في القسم العالي لمادتي الفقه، وأصول الفقه، قبل أن يمضي على تخرجه وقت طويل، وكان هذا دليلاً على فضله وعلمه؛ لأن القيام بتدريس مادتي الفقه وأصول الفقه كان لا يسند إلا للمشايخ الذين بلغوا النهايات من أعمارهم الدراسية، فمع أن الشيخ محمود شلتوت كان في هذه الفترة الزمنية في سن الشباب، إذ كانت سنه حينئذ في أوائل الثلاثينيات، فإنه كان جديراً بالوظيفة التي أسندت إليه، فبهر بعلمه الغزير وفكره القوي تلاميذه، وحبهم في العلم، ورغبتهم في تحصيله. مناداته بإصلاح الأزهر كان الشيخ محمود شلتوت احد الأعلام في سلسلة الذين نادوا بإصلاح الأزهر وتطوير نظامه، فمن المعلوم أن الأزهر الشريف ليس هو الهيكل المادي المكون من الأحجار والأخشاب وغيرهما من مواد البناء الأخرى، وإنّما هو العلم والثقافة والفكر، والتعرف على رياض الشريعة الغناء، في العقيدة والتفسير، والحديث والفقه، وأصول الفقه، والنحو والصرف، والبلاغة، والأدب، والتاريخ، والمنطق والفلسفة، وسائر ما يموج به هذا المعهد العريق من علوم وفنون وآداب. وإذا كان الأزهر مثابة للناس في بيان الأحكام وتدريس العلوم المختلفة فإنه بهذا الوصف يكون كائناً حياً قابلاً للنمو والتطور والتغير، كما تتطور وتتغير سائر الأحياء؛ لأن طبائع الأشياء تقتضي التطور، وإذا لم يتصور الشيء بذاته احتاج إلى التطوير إلى الأفضل والأكمل، فمبدأ التغير قانون أزلي تخضع له الأشياء، فالصحاري تتطور، والمدن تتطور، والقرى والنجوع، والإنسان ذاته له في حياته أطوار، ولا يوجد موجود لا يجوز عليه التغير إلا الخالق الأعظم تبارك وتعالى عن ذلك علواً كبيراً .. ولهذا المعنى وجدنا الأزهر الشريف تعتريه رياح التغيير والتطوير في أدائه لمهمته العلمية الكبيرة، فلم يكن في عهد الأزهر الأول توجد امتحانات للطلاب، بل كانت الإجازة العلمية يعطيها الشيخ لتلميذه للدلالة على أنه فهم نصاً معيناً، وتؤهله هذه الإجازة للقيام