كما كان يكتب تفسيره للقرآن الكريم في مجلة دار التقريب وهي (رسالة الإسلام) وكان في هذا الوقت وكيلا للأزهر وفي أثناء توليه شيخا للأزهر الشريف أصدر فتواه الشهيرة بشأن المذاهب الإسلامية وهي جواز إتباع مذهب الإمامية الجعفرية أو الزيدية مقررا أنها ليست فتوى رجل واحد وإنّما هي فتوى كل أولئك الرجال الذين حملوا أمانة التقريب. ونستطيع تلمس دعوته للتقريب ونبذة للعصبية المذهبية وحبه للوحدة بين المسلمين في قوله: (إن المتقي لله في مقام ابتغاء العلم هو ذلك الذي لا تأخذه عصبية ولا تسيطر عليه مذهبية ولا ينظر يمينا أو شمالاً دون قصده. كنت أود لو أستطيع أن أصور بنفسي فكرة الحرية المذهبية الصحيحة المستقيمة على نهج الإسلام والتي كان عليها الأئمة الاعلام في تاريخنا الفقهي أولئك الذين كانوا يترفعون عن الصعبية الضيقة ويربئون بدين الله وشريعته عن الجمود والخمول، فلا يزعم أحدهم أنه أتى بالحق الذي لا مريه فيه وأن على سائر الناس أن يتبعوه ولكن يقول (هذا مذهبي وما وصل إليه جهدي وعلمي ولست أبيح لأحد تقليدي واتباعي دون أن ينظر ويعلم من أين قلت ما قلت فإن الدليل إذا استقام فهو عمدتي والحديث إذا صح فهو مذهبي). ثم يقول مصورا جمال الوحدة بين المسلمين وكمالها: كنت أود لو أستطيع أن أتحدث عن الاجتماعات في دار التقريب حيث يجلس المصري إلى الإيراني أو اللبناني أو العراقي أو الباكستاني أو غير هؤلاء من مختلف الشعوب الإسلامية، وحيث يجلس الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي بجانب الإمامي والزيدي حول مائدة واحدة تدوي أصوات فيها آداب وعلم وفيها تصوف وفقه وفيها مع كل ذلك روح الأخوة وذوق المودة والمحبة وزمالة التعليم والعرفان. ثم هو يبين لنا الأسباب التي دعت إلى الفرقة والصعبية ويرشدنا إلى كيفية الخروج منها والعمل على إزالتها ليتوحد الصف الإسلامي فيقول: لقد كان أكثر الكاتبين عن الفرق الإسلامية متأثرا بروح التعصب الممقوت، فكانت كتاباتهم مما تورث نيران العداوة والبغضاء بين أبناء الملة الواحدة، وكان كل كاتب لا ينظر إلى من خلفه إلا من زاوية واحدة وهي تسخيف رأيه وتسفيه عقيدته بأسلوب لا يليق بالمسلم، وشره أكثر من نفعه