الحمد لله الذي توحد بالبقاء والأزلية وتفرد بالديمومة السرمدية ومحق الكل بسلطان جلاله ومحا الآثار بسطوة جبروته وقهر المعلومات فأخفاها في طي عمائه ثم من عليها بنعمة الوجود فقامت به وتجلى عليها باسمه الظاهر فتنشقت روح الحياة منه ثم إذا شاء قبض إليه الظل بالفناء على الكل فما كان إلا هو وما بقي إلا هو (كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان). وأشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وهب الرحمة الكبرى للعالمين من نور ذاته وأفاء على الأكوان من ظلال أثار صفاته فبنوره اهتدى أحباؤه إليه فعرفوه وبسره سبحوه ووحدوه فما عرفه العارفون إلا به وما سبحوه ووحدوه إلا بسره حقا ما عرف الله إلا الله (وما قدروا الله حق قدره). وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله مجلي نور الذات ومظهر الصفات من به قامت كل الكائنات رسول حضرته القدسية ومشرق شمس التجليات الإلهية صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى المتحققين بكل كمال ورضوان الله تعالى عليهم وعلى أتباعهم أولي التقي والإحسان المحافظين على السنة. أهل الوفاء والصدق (كلما هممت بأهل الأرض عذابا نظرت إلى عبادي فيهم فأر منه بهم عليهم). وبعد فيقول الحق تبارك وتعالى (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب). ويقول تعالى (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا). فلما كان في التاريخ تذكير بما فات وفي التعرف على سير رجال الله العبر والعظات كانت الحاجة ماسة لكل مريد طريق الحق ظامئ الشراب أهل الصدق طموح للوصول إلى حضرة الرب من وقفة على آثار مسلكي الطريق إلى الله والتعرف لما كانوا عليه ليترسم نهجهم ويخطو خطوهم ويتأدب بآدابهم فنحظى بودهم وقربهم ويشرب من معينهم