كما أن الشاذ من الغنم للذئب، ألا من دعا إلى هذا الشعار فاقتلوه، ولو كان تحت عمامتي هذه«([206]) ، ويعني بهذا الشعار: شعار التفرقة. يرى الإمام كاشف الغطاء رحمه الله أن هناك أفقاً أوسع للوحدة، يشمل الوحدة بين المسلمين وغيرهم من الكتابيين، حيث يقول: (وحدة الإيمان تدعو إلى وحدة اللسان، ووحدة اللسان واللغة رابطة، والرابطة إخاء، وأخوة الأدب فوق أخوة النسب، وهي التي توحد العناصر المختلفة والمذاهب المغاير، فالنصراني، واليهودي، ولمجوسي والصابئي الّذين يخدمون لغتنا وثقافتنا، ويسالموننا يواسوننا في السراء والضراء، ولا يساعدون الأعداء علينا، ويحامون عن أوطاننا ، هم إخوان المسلمين، وداخلون في ذمتهم، ويلزمهم حمايتهم، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وتجمعنا معهم الوحدة القومية، والقرآن الكريم ينادي ويشهد بذلك كما في قوله تعالى: )لا ينهاكم الله عن الّذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يحب المقسطين(([207]) (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ( ([208]). وينطلق الإمام كاشف الغطاء في ذلك إلى وحدة اللسان، ووحدة اللغة، ووحدة الإيمان بالله، حتّى لو كانوا يدينون بدين آخر، ينطلق بذلك من الرواية المأثورة عن الإمام علي ـ عليه السلام ـ في شأن النصراني، حيث تذكر الرواية: أنّه ـ عليه السلام ـ مر بشيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين: ما هذا ؟ فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنه نصراني، فقال الإمام: »استعملتموه، حتّى إذا كبر وعجز منتعموه، أنفقوا عليه من بيت المال«.