لقد بدأ معركته من الداخل فكشف العيوب والعثرات التي علقت بالكيان الإسلامي ممثلة بوعاظ السلاطين الذين آثروا إرضاء الحكام على مصلحة الدعوة وقد تمدد هذا الفساد حتى شمل المؤسسة الدينية الرسمية بأشكالها المختلفة. لذلك بدأ الشهيد معركته مع الفساد الداخلي حيث كشف العيوب التي رانت على الكثير من العلماء فأعاد للقيم الإسلامية منهجها الصحيح من حيث الالتزام بأهداف الرسالة والوقوف إلى جانب النصوص كما فهمها الرسول(صلى الله عليه وآله)وعاشتها نخبة الصحابة. فأول ما أكد عليه الشهيد المرتكزات الأساسية في المنهج الإسلامي وقد برزت هذه الحقيقة في شخصية الإمام الصدر التي اجتمعت فيها أبعاد الدعوة الحركية والقيادية والفكرية فكانت حياته نموذجا متميز الخصائص والسمات فلم يكتف بأسلوب الدفاع لحفظ الإسلام فتجاوز السيد الصدر أسلوب الدفاع إلى المواجهة محدثا بذلك نقلة نوعية أخرجت النشاط الإسلامي من خندق الدفاع إلى ساحة المواجهة فأعطى للإسلام صورة التحدي وخط الانطلاق نحو الاتجاهات المضادة بحيث أصبح واضحا انعكاس الأسلوب على يدي الشهيد الصدر، فالإسلام أصبح هو الذي يتحدى، وخصومه هم الذين يبحثون عن خنادق الدفاع والاحتماء من صولاته الفكرية المكتسحة، فعادت الثقة بالنفس إلى أبناء الإسلام، وطرح الفكر الإسلامي بصورته المتحدية والمؤثرة في الأوساط الثقافية والاجتماعية كما يقول حسين بركة الشامي في كتاب )محمد باقر الصدر دراسات في حياته وفكره(. صحيح أن الرجل تعرض إلى مواجع، كثيرة كان استشهاده على الصورة المعروفة قمة هذه المواجع، ولكن الصحيح كذلك أنه هز واقع العمل الإسلامي هزة عنيفة أخرجته من أطر الدفاع إلى دوائر التحدي حتى أصبح الإسلام اليوم أمل المستضعفين والمقهورين والمظلومين، كل ذلك بفضل الدماء الطاهرة والجهود العظيمة التي قام بها رواد العمل الإسلامي في العصر الحديث: الإمام