ولا أعتقد أن أحداً - سنياً كان أم شيعياً - لا يستسيغ هذا اللون من النقاش الموضوعي والمعالجة العلمية، فالحكمة ضالة المؤمن ينشدها أينما وجدت، والموضوعية هي المقدّمة الضرورية التي من دونها تفقد حركة البحث عن الحكمة هديها، وهي في منهج الإمام الشهيد الصدر يجب أن تكون مقرونة بالخُلق الإسلامي الرفيع، ففدك بما ترمز إليه، والموقف منها سواء كان إيجابياً أم سلبياً لا يخلق مبرراً لخلافات تخرج عن إطارها إلى حد القطيعة والفرقة الكراهية، ويجب أن تطوّق الخلافات - العقائدية والتاريخية والفقهية وغيرها - ضمن حدودها في ظل احترام الرأي والرأي المقابل. وأعتقد أن أسلوب الإمام الشهيد الصدر في المعالجة استكمل الشروط الموضوعية والأخلاقية إضافة إلى ما اتسم به من شفافية وانفتاح، وفوق ذلك كله الخلق الرفيع الذي من شأنه تحطيم أقوى الحواجز والعقد النفسية التي كانت ولا تزال تشكّل أكبر عقبة في طريق توحيد أمة التوحيد. هذه إلمامة سريعة ومقتضبة عن خطوات للإمام الشهيد الصدر، وهي وإن كانت محدودة بحكم الفترة الزمنية القليلة التي عاشها الشهيد إلا أنها تكشف عن أفق رحب في إطار السعي لتوحيد الأُمة الإسلامية. إن دارسة هذا الجانب من فكر الإمام الشهيد الصدر تحتاج إلى قدر من الشمولية والتوسّع لتكون دراسة مستوفية وشاملة نستقصي فيها جميع الخطوات التي بدرت منه في مجال التقريب وتوحيد الأُمة، والمفروض أن يتصدّى لذلك أهل الاختصاص والمعرفة لأننا اليوم بأمس الحاجة إلى من يجمع كلمتنا ويوحّد صفوفنا .