لايمانه بأنّ المرحلة الجهادية والسياسية تتطلب ذلك، وقد فصّلنا ذلك في كتاب سنوات المحنة وأيام الحصار الأمر الذي يجعل كل باحث موضوعي يدرك أن الإمام الصدر لم يقصد المجاملة أو المحاباة بل كان يهدف حقاً إلى معالجة مشكلة الفُرقة والتشتت من جانب، وتوحيد الأُمة في إطار الإسلام من جانب آخر. وإذا لاحظنا جذور أسباب المشكلة نجد أن أهمها هو الموقف من الخلفاء الراشدين، فالمسلم السني يرى فيهم مثلاً ونموذجاً جسّد القيم والمبادئ الإسلامية، ويرى الشيعي أن اجتهادات بعض الخلفاء أو مواقفهم تنافي الخط الإسلامي الذي يعتقد بصحته ويتمسّك به على أساس أنه الخط الذي يمثل المسيرة النبوية، ويرى مثلاً أن كل اجتهاد في مقابل النص على إمامة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) اجتهاد مرفوض لا يحمل قيمة دينية، في حين يرى السني أنه جهد علمي اجتهادي للفقيه فان أصاب المجتهد فله أجران وإن أخطأ فله أجر. وعلى هذا الأساس - وهو الجزء الأكبر من العلة - بدأت الحواجز النفسية تتصاعد وتتعمق مدعومة بجهود الحكّام الذين عمّقوها إلى أبعد الحدود، وبدأت تنخر في صميم الكيان الإسلامي العام. وما من شك أن علاج هذه القضية يحتاج إلى زمن طويل وجهود مكثّفة من الطرفين، إلا أن هذا لا يمنع من التوافق على احترام كلا الطرفين لعقيدة الآخر وآرائه السياسية وغيرها والوصول ولو إلى الحد الأدنى من الوفاق والتوحّد. وفي هذا الضوء أعتقد أن الإمام الشهيد الصدر سار بهذا الاتجاه، فلم يجعل الاختلافات المذهبية مبرراً لعدم التوحّد، فنراه قد اعتبر نفسه وكيانه ملكاً للمسلم السني كما هو للمسلم الشيعي فيقول: »وإني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأُمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء... »