مجالات ايجاد الوحدة والعدالة الاسلامية اسوة بالحكومة الاسلامية بقيادة الرسول الكريم (ص) في المدينة الدكتور رضا رستمي زاده ([1]) مقدمة في تقسيم عام يدخل دور الرسول الكريم (ص) في بناء صرح الوحدة الاسلامية والعدالة الاسلامية في ثلاثة صعد اساسية. الصعيد الأول كان في اصلاح الوضع الموجود في المجتمع آنذاك واستخدامه للعوامل الصالحة لاعادة الارضية اللازمة. الصعيد الثاني تمثل في التخطيط الثقافي في مسار رسم آفاق الامة الموحدة للمسلمين وايجاد اجواء التنمية الفكرية ورفع مستوى فهم الشعب نحو مسؤولياته. والصعيد الثالث هو الحلول التي استخدمها الرسول الكريم كوسائل لتحقيق الوحدة والعدالة. يمكن منح مجموعة هذه السبل عنوان (الدعوة القيمية للرسول (ص) في ايجاد الوحدة والعدالة الاسلامية) نتحدث فيه عن الستراتيجيات والتقاليد القيمية والاجتماعية التي كانت سائدة في الصدر الاسلامي الاول ودور الرسول الكريم (ص) في ايجاد الوحدة الاسلامية في رحاب العدالة كهدف قيم في المجتمع الاسلامي آنذاك. وسنشير هنا الى جانب منها والتي استعرضت في تاريخ الصدر الاسلامي بشكل رائع ومنقطع النظير: 1ـ ايجاد الوحدة الوطنية والتضامن الايماني: لقد اقترن عهد الرسول الكريم (ص) في المدينة المنورة بعقد المعاهدات بين المجموعات المختلفة ويمكن اعتبار هذه المعاهدات احد ابرز الشواهد لاستخدام العوامل الاجتماعية لبلوغ الوحدة في المجتمع آنذاك. 1 ـ 1 ـ المعاهدة العامة، ظهور تعاون القوميات في الصدر الاسلامي لقد كانت احدى اهم هذه المعاهدات. هي المعاهدة الأولى التي عقدها الرسول الكريم (ص) مع الطوائف والقبائل الموجودة في يثرب في الاشهر الاولى من دخول الرسول الكريم (ص)([2]) الى المدينة والبعض يصفها بأنها (أول دستور مكتوب في العالم).([3]) وكان هذا التدبير يشكل افضل وسيلة لايجاد الوحدة الودية والتضامن الديني لأنه كان يضمن الوحدة بين القبائل المتصارعة والحقوق الاجتماعية لليهود وكذلك للانصار والمهاجرين([4]). كما كانت توجد هذه المعاهدة من جانب آخر المقدمات لتشكيل وحدة اجتماعية وحكومة دينية. وكما يقول البعض من الكتاب تعكس هذه المعاهدة الجوهر الاجتماعي للاسلام.([5]) 1ـ 1ـ 1 ـ جوانب من المعاهدة العامة كنموذج من ذلك، لقد جاء في صدر هذا العقد والاعلان العام([6]) بين المسلمين واهل يثرب كافة بوضوح بما معناه: (إن هذا (المكتوب) الأمر؛ هو اعلان من جانب محمد (ص) رسول الله سيكون نافذاً وسارياً بين المؤمنين والمسلمين من قبيلة قريش (وأهالي) يثرب والذين اتبعوهم والتحقوا بهم وجاهدوا معهم بأن المسلمين أمة موحدة تختلف عن باقي الناس ...)([7]). إن الروح السائدة على مجمل هذه المعاهدة، هي ايجاد الوحدة الاسلامية في منحى الستراتيجية القيمية للرسول الكريم (ص) في المجتمع الديني وسنشير هنا الى البعض منها الأكثر وضوحاً على أساس درجة علاقتها بموضوع البحث (وليس طبقاً للوثيقة المذكورة اعلاه)([8]): ـ المسلمون متحدون (مع بعضهم) بالتصدي للظلم والعدوان والتآمر ويتعاون الجميع للتصدي للمعتدي والقضاء عليه، حتى وان كان المعتدي والظالم، ابن احد المؤمنين. ـ قطعاً إن ذمة الله تكون متساوية لكافة الأفراد (الحماية والعهد الإلهي واحد لا أكثر) وإذا قبل أقل المؤمنين لجوء شخص اليه، الجميع يقبل ذلك، والمؤمنون بمعزل عن باقي الناس أولياء فيما بينهم. ـ لاشك إن صلح المؤمنين ليس أكثر من واحد ولا يتصالح أي مؤمن دون موافقة باقي المؤمنين في الجهاد في سبيل الله ويكون الصلح الذي استقر على أساس من العدالة والمساواة ملزماً للجميع ويجب على الجميع احترامه. ـ المسلمون اولياء فيما بينهم تجاه الدماء التي تراق في سبيل الله (الجميع أولياء للدم). ـ المسلمون لا يتخلون عن الشخص الذي يكون فيه ذمته (دين) كبير (وهكذا الأمر في الفدية) بل يساعدوه بالإحسان. ـ لا ينبغي على أي مؤمن قتل أي مؤمن آخر بسبب اراقة دماء كافر (حتى وإن كان مصراً على ذلك) أو ان يساعد كافراً على مؤمن. ـ لو ظهر اختلاف بين المسلمين يرجع في حله الى الله والرسول محمد (ص). ـ المسلمون واليهود (بنو عوف) هم أمة واحدة ويعيشون كشعب واحد في المدينة ولكل منهما دينه. والمتحالفون مع اليهود ايضاً هم كاليهود إلا الذين يظلمون ويرتكبون الاثم وأن يكون مثل هؤلاء الأفراد مصدراً لزحمتهم ولأهل دينهم ولأمتهم الموحدة. ـ ينبغي على المسلمين واليهود النهوض بوجه الذين يعادون هذه المعاهدة وأن تكون علاقاتهم مع بعضهم على أساس من التشاور والنصيحة والدعوة الى الخير وتجنب السلوك السيء. ـ لا يحق لأي فرد اساءة التعامل مع المتعاهدين معه ويجب أن يساعدوا المظلوم. ـ يعتبر أهالي يثرب (حرم) لاتباع هذه الوثيقة. ـ لو حدث قتال او شجار مخيف او باعثاً للفساد بين الأفراد التابعين لهذا الأمر يوكل هذا الى الله ومحمد رسول الله (ص) للنظر فيه وإن الله ضامن المتقين والمحسنين اتباع هذه الوثيقة. ـ إذا ما دُعي اليهود الى الصلح ليتعاونوا فيه ويطبقونه، لا مانع في ذلك، وينبغي على المسلمين كذلك قبول ذلك الصلح إلا إذا كان صلحاً مع أعداء الدين.([9]) 1 ـ 1 ـ 2: انعكاس هذه المعاهدة تلاحظ نقطة في هذه المعاهدة وهي رغم الجهود الجادة واصرار الرسول الكريم (ص) على تحقيق ميثاق عام وشامل ومع وجود التكهن العاقل لم تنشأ ضرورة سيطرة السيادة الإلهية للقيادة الدينية. وفي الواقع لم يكن الرسول الكريم (ص) مطلقاً على استعداد لمنح قيادة المجتمع المدني الفتي بيد المجموعات اليثربية واليهود الموجودين فيها خاصة. ولعل السيد محمد حميد الله يقول بهذا السبب في كتابه: (إن القبائل اليهودية لم يذكروا على شكل قبائل في هذه المعاهدة بل على شكل مجموعات مختلفة مقيمة في المدينة وضواحيها (والذين كانوا زبائن للعرب) وقد اعترف بحقوقهم بصراحة بشكل متساوي. إذن يتضح بأن القصد من هذا العنوان والاصرار كان في هذه الحقيقة بأن اليهود لم يعترف بهم في هذا الاتحاد الرسمي في المدينة باعتبارهم كأمة موحدة واجتماعية ومستقلة لكن أية قبيلة تكون في داخل هذه المعاهدة تعتبر مقبولة كوحدة منفصلة...)([10]). إنه يقول في ختام تحليله لهذه الوثيقة: (تشير دراسة الدستور الى هذه النقطة بأن (الاتحاد) المؤلف بين المسلمين وغير المسلمين في المدينة كان قد أعد من الأهداف الحكومية والاجتماعية رغم منح الاستقلال الداخلي لليهود لكنهم لم يشاركوا في السياسة الخارجية لهذه المدينة التي كان لها دستوراً في حين كان اليهود عند دخول الرسول الكريم (ص) الى المدينة يتمتعون بأكبر أمة منظمة. لم يستطع اليهود أن يعلنوا اعلان الحرب بشكل مستقل او شن الحرب وكان لا يحق لهم الالتحاق بجبهة الجيش والعسكر إلا بأمر من الرسول الكريم ـ ص ـ) ([11]). عندما ينظر أي محلل لهذا الحلف يكتشف بأن الرسول (ص) قد استطاع ارساء نوع من الوحدة بين كافة المسلمين رغم اختلاف المجموعات والقبائل المتفرقة وجعلهم كأمة واحدة، فالأمة الواحدة التي أوجدها الإسلام بين القبائل المتشتتة أوجدت الألفة والمحبة والاخاء بينها. ثانياً انه أوجد معنوية التعاون والتضامن بين افراد الجماعة. وعلى هذا الأساس رجح (مجموع الناس) على الفرد والشخص الواحد حتى وترجيح المجموع على تلك الارتباطات العائلية والقومية. ثالثاً: ذكر بأن الجماعة هي جماعة عندما تعتبر وحدة اجتماعية مستقلة ولها هوية دينية واجتماعية خاصة وتتمتع بحقوق (بالنسبة للأفراد) وتستطيع ان تضمن تنفيذ الدستور وضمان الأمن. رابعاً: لقد ساوى الرسول الكريم (ص) بين اليهود والمسلمين مساواة في مصالح عامة الأمة، وفي ذات الوقت قد جعل السبل مفتوحة لدفع الجميع نحو قبول الإسلام. كما ضمن الإفادة من الحقوق العامة.([12]) وبذلك ونظراً لهذه المعاهدة يمكن الاستنتاج بأن جهود الرسول الكريم (ص) لايجاد الحساسية الدينية والوطنية المشتركة تعتبر احدى ابرز المجالات والحلول نحو تحقيق الوحدة الاسلامية ويرى البعض من المستشرقين: (... إن هذه الوثيقة تشكل القانون التأسيسي للمسلمين في المدينة وتمت صياغتها على أساس المعاهدة المبرمة مع قبيلتي الأوس والخزرج من الواضح محمد (ص) عندما كان رئيساً لجماعة المسلمين كان ايضاً يتولى قيادة المدينة بأسرها وكان مشرعاً وحكماً على هذه المدينة. وكان يحمل القادة المسلمون اعتماداً على معتقداتهم نظرات سلبية تجاه التقاليد القبلية والعشائرية، ولكن بما انهم وجدوا الرؤية المعارضة للتقاليد المذكورة امراً محالاً، لذلك انهم اجازوا المساومة والمصالحة العقلانية. وهذا يعني يجب اعتبار كافة القاطنين في المدينة وحدة اجتماعية يتمتع الجميع فيها بحقوق متساوية، دون النظر الى انتسابهم الى كذا قبيلة او فلان عشيرة)([13]). 1 ـ 2 ـ تثبيت الوحدة الإيمانية يلاحظ في الكلام الجميل هذا للرسول الكريم (ص) بشكل واضح في ايجاد الاحساس الديني المشترك والتكاتف الديني الموحد بين المؤمنين (المؤمنون كنفس واحد)([14]). وكان الرسول الكريم (ص) يؤكد دائماً بشكل خاص على هذا الموضوع في مسار (التضامن الايماني بين المسلمين) وفي جانب من كلمة الرسول بعد فتح مكة في المسجد الحرام: (المسلم أخو المسلم ...)([15]). أي المسلمون اخوة فيما بينهم وإن دماء أي واحد منهم تساوي دماء الآخر منهم. وإنهم يد واحدة أمام الأجانب ويستطيع أصغرهم أن يتعهد من جانبهم)([16]). يشير الشاعر مولوي في مثنويه الطويل مرات الى الوحدة الباطنية للمؤمنين والى عبّاد الحق ويعتبر سر هذا الاشعاع النير في الروح الانسانية والإلهية للمؤمنين بما معناه: الروح الحيوانية ليس فيها اتحاد لا تبحث هذا الاتحاد في روح الهواء روح الذئاب والكلاب منفصلة وأرواح اسود الله متحدة انهم كأشعة الشمس الواحدة في السماء التي تتوزع على مئات البيوت لكن أنوارهم واحدة بعد ازالة الجدران العائقة بينها بما ان البيوت ليست فيها قاعدة فالمؤمنون هم كالنفس الواحدة([17]) وفي الواقع هذا الشيطان هو الذي يدعو الى التشتت والفرقة بين المؤمنين بدل التنسيق فيقول الإمام علي عليه السلام بما معناه: (إن الشيطان يسهل سبله اليكم وينوي حل العقد القوية لدينكم الواحدة تلو الآخرى وليزيد على التشتت بدل التنسيق ...) (الإمام علي (ع)، الخطبة 131). 2ـ الترابط الودي والأخوي يحمل الترابط الأخوي قيمة عالية جداً في تاريخ الأسلام. وفيما يلي نشير الى بعض فوائده وقيمه: 2 ـ 1 ـ ضرورة ظهور التعلق الاجتماعي في العام الأول من دخول الرسول الكريم (ص) الى المدينة تشهد هذه المدينة افضل المبادرات والستراتيجيات المهمة للرسول الكريم (ص) في استخدامه عنصر الوحدة الدينية. أي عقد المؤاخاة بين المسلمين كافة رجالاً ونساءً. لاشك كان يتيسر هذا القرار في منحى طرح المعاهدة العامة وجانب من الآليات لايجاد الحساسية المشتركة الدينية. وبعبارة أخرى كانت هذه المعاهدة العامة في منحى ايجاد تضامن ديني وحساسية وطنية مشتركة بين كافة الأفراد المتدينين. لكن معاهدة الأخوة كانت توصل هذه الحساسية المشتركة الى قمة نموها. لقد جاء ذلك الاتحاد العام من أجل الصمود والابتعاد عن الأفول والشقاق والتشتت. فعليه كانت تعتبر هذه المعاهدة الخاصة (عقد الاخوة الايمانية): أولاً: عاملاً قوياً لمنع تجدد الخلافات القبلية القديمة والجاهلية. ثانياً: كانت تؤدي الى ايجاد المزيد من التضامن في مجال اتحاد المسلمين كقوات محورية للمجتمع. ثالثاً: كانت عنصراً فاعلاً للمحافظة على المجتمع الاسلامي الجديد. لأن الفئة الوحيدة التي كان يمكن الاعتماد عليها عند ظهور المخاطر الجادة والثقة بمساعدتهم وصمودهم كانت هذه الفئة. لذلك اضافة الى الالتزام العملي بالالتزام الواسع (في اطار الدستور السائد) كانت الحاجة الى اتحاد وتعاضد. يقول البعض من المحللين ككاتب كتاب الفلسفة وعلم الاجتماع السياسي: (إن الموضوع الاول الذي كان يخشاه الرسول الكريم (ص) ان يحدث في المجتمع الفتي هو موضوع الخلافات القبلية الشديدة التي كانت ضمن الخصائص النفسية لكل شعب قبلي. ولذلك عقد الرسول الكريم منذ البداية معاهدة جديدة باسم معاهدة المواخاة بين المهاجرين والانصار ... فمعاهدة المواخاة هذه جاءت من اجل ان لا يشعر الفرد المدني بأن المهاجر هو فرد خارجي بل هو أخ له وكان القصد من معاهدة المواخاة هو ايجاد مجتمع مفكر واعتقادي)([18]). إن الرسالة التي تحملها معاهدة الأخوة اوعقد الأخوة هي عندما تكون للشعب حساسية خاصة مشتركة هي اضعاف الخلافات الداخلية وازالة الكثير من المفاسد ... والأكثر منطقية أن نعتبر استخدام هذه الآلية بأنها قسم من الستراتيجية القيمية والاجتماعية للرسول الكريم (ص) نحو ايجاد وحدة اسلامية لأنها جاءت على اساس بناء حساسية اجتماعية ودينية مشتركة ويكون الرسول الكريم بهذه المبادرة الرائعة قد ازال الخلافات الحيوانية كما أوجد بها الاتحاد الانساني. قبليتا الأوس والخزرج كان الصراع بينهما دموياً أهداهما المصطفى محمد (ص) بنور الإسلام عيشاً هنيئاً خلو من العدوان واصبحوا متراصين كافة بنفحة المؤمنين باتوا اخوة والحقد بينهم منسياً يحيى الحب الذي دعا اليه رب العالمين فأصبحت فيه مئات الألاف من الذرات في اتحاد سويا([19]) وقد تبلورت هذه المعاهدة الأخوية فقط على اساس الغاء الدوافع القومية والقبلية وعلى محور الحق والتعاون الاجتماعي ويشير الله عز وجل بها في الآية العاشرة من سورة الحجرات حيث قال: (إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم تتقون).([20])([21]) 2 ـ 2 ـ المحبة الإلهية، أساس لتشكيل المجتمع المدني المجمع المطلوب الذي دعا اليه الرسول الكريم (ص) هو نظام يسود فيه التلاحم الأخوي بين كافة اعضائه على محور الديانة التوحيدية ويكون من واجبهم المحافظة عليه كما يرسخ الله العزيز والحكيم لهم مجالات الألفة والوحدة بين قلوبهم ويتم من خلال ذلك تدعيم أسس الوحدة والعدالة في المجتمع الاسلامي، (وإن يريدوا أن يخادعوك فإن حسبك الله هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) الأنفال، الآية 62 ـ 63. إن المجتمع الهادف للرسول الكريم (ص) الذي تسود فيه روح الأخوة والمودة هو مجتمع يتوحد حول محور (الشدة على الكفر) و(الرحمة على الإيمان)، (محمد رسول الله والذين معه رحماء بينهم أشداء على الكفار) الفتح، الآية 29. فهو مجتمع موحد كالجسم الواحد الذي يصمد فيه كافة أفراده المترابطين برباط الوحدة والحق مع بعضهم للبعض الآخر ويسود في وجودهم روح الحب والايمان الديني. فالرسول الكريم (ص) يقول بما معناه: (إن حال الناس المؤمنين في الصداقة بينهم واظهار الرحمة والمودة بينهم كالجسد الواحد فإذا تعرض منه عضو الى الألم تتداعى له باقي الأعضاء بالحمى والسهر)([22]). 2 ـ 3 ـ الإفادة من الطاقات الاجتماعية يستفيد الرسول الكريم من طرحه للأخوة بين الأنصار والمجاهدين من الطاقات الموجودة في المجتمع نحو تحقيق أهداف الأمة الواحدة الى درجة لم يؤدي النجاح الباهر الذي حققه الرسول (ص) في المدينة الى اندهاش أفراد كأبي سفيان بل وإن آثار ونتائج هذه المساواة الاسلامية قد تجاوزت لتصل الى تقسيم أموال وممتلكات المؤمنين فيما بينهم([23]) وتشير كافة الأحداث التاريخية للاسلام الى شواهد تعكس دور الرسول الكريم (ص) في منع حصول افتراق في صفوف المسلمين والإفادة من أداة الوحدة الاسلامية اعتماداً على أمر القرآن الكريم في الآية 105 من سورة آل عمران (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جائتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم). وبذلك تبلغ جهود الرسول الكريم (ص) في ايجاد الوحدة قمة الجهود الممكنة له، لأنه كان يعتبر هدف الوحدة احدى الرسالات الإلهية لبعثته وكان يعز عليه فراق المؤمنين وكان رؤوفاً وتواقاً اليهم. إذن سيستفيد في هذا الجانب من كافة طاقاته ويشير الله عز وجل بهذه الصفة الحسنة لرسوله حيث يقول سبحانه وتعالى في الآية 128 من سورة التوبة: (لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم). ويقول الرسول الكريم بما معناه: (لم يؤذ أي نبي مثلي)([24]). نعم بما أن الرسول الكريم كان في مهمة اصلاح الأمور والحفاظ على وحدة الأمة الاسلامية وازالة الخلافات بينها ولا يظهر الشقاق وإن كان ضعيفاً في جسم الوحدة الدينية بين المسلمين. وكان المؤمنون بدورهم يشعرون بالواجب باحترام التآزر والاقتداء بالرسول الكريم (ص) حيث قال سبحانه عز وجل في الآية الأولى من سورة الأنفال: (يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين). وبذلك كان الرسول الكريم (ص) يستفيد من كل عنصر للمحافظة على التفوق الاجتماعي ومنع التفرقة، سواء في أخذ العهد ثانية من الأنصار أو في ازالة الخلاف حول تقسيم الغنائم او استقطاب القوى المخطئة واصلاحها ولو كانت تترك كان من الممكن أن تتحول الى عناصر مثيرة للتفرقة وعديمة الإيمان. وحتى في حادث تخريب مسجد ضرار ... قد استفاد الرسول الكريم (ص) من كافة الوسائل بأفضل وجه. 2 ـ 4 ـ أهمية الحفاظ على الوفاق الوطني لقد حظي هذا الموضوع باهتمام الرسول الكريم (ص) في المدينة وكان يمنع حدوث أي خلل يسيء بالوفاق بين الأمة. وكمثال على ذلك كان هدف الرسول الكريم (ص) من هدم مسجد ضرار هو منع ظهور الشقاق في المجتمع الاسلامي كي لا يتصدع الوفاق الوطني، (والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفروا وتفريقاً بين المؤمنين وارصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلاّ الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون) التوبة، الآية 107. حتى وإن الرسول الكريم يقول في آخر وصاياه بما معناه: (أيها الناس اسمعوا ما أقول قد لا أراكم بعد هذا في هذا المكان. أيها الناس إن دمائكم وأموالكم محرمة فيما بينكم كحرمة هذا الشهر حتى تلقون الله ... اعلموا أن كل مسلم هو أخ للمسلم الآخر والمسلمون أخوة ...)([25]). وقد عبر الإمام علي عليه السلام كما جاء في الخطبة رقم 96 من نهج البلاغة حول الجهود التي بذلها الرسول الكريم (ص) حول ايجاد الوحدة والأخوة الدينية بأجمل وجه بما معناه: لقد دفن الله بيده الأحقاد وأخمد النيران وأحل الأخوة بين الغربة وفرق الأقارب وأذل العزات المزيفة وأعز المذلات المرفوضة. نعم فالرسول (ص) قد صلى طبقاً للمهمة التي انيطت به وبلغ رسالات الله. أذن قد ازال الله عز وجل الفروق الناجمة عن الخلاف بواسطة الرسول (ص) وأوجد التضامن والألفة بين الناس وذلك بعد نيران العداء التي كانت مشتعلة في النفوس والأحقاد الدفينة التي كانت شرارتها تثور في القلوب في كل لحظة([26]). 2 ـ 5 ـ توصيات القرآن الأخلاقية للقرآن الكريم توصيات يوصي بها المسلمين للمحافظة على وحدتهم وتضامنهم فهذه التوصيات وإن كانت في ظاهرها جزئية لكنها تكون حساسة جداً والتي تشير الى أهمية المحافظة على معنويات الأخوة الدينية والاسلامية لذلك إنه ينهانا من الشتم والاستزاء والسخر والتنابز بالألقاب لأن هذه الأمور تؤدي الى اثارة الأحقاد والتفرقة بين صفوف المسلمين: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خير منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الأسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك الظالمون)، سورة الحجرات، الآية 11. نعم ان الموازين الاخلاقية تعتبر مجالاً مهماً للتفاهم والتعاضد بين ابناء الأمة الاسلامية ومن شأنها ان تمزج مفهوم الوحدة والعدالة في فطرتهم النقية وتجسدها. 3ـ الغاء العنصرية والنزعة القومية لقد استخدم الرسول (ص) اسلوب الغاء العنصرية والتعصب القومي كأحد السبل الأخرى والحلول في مسار بناء العدالة الاجتماعية والوحدة في الأمة الاسلامية والغاء التمييزات المرفوضة وغير الحميدة في المجتمع. 3 ـ 1 ـ تحطيم القيم الجاهلية لقد كانت محاربة الرسول (ص) للرق في ذلك العهد والتي كانت تتناسب مع تزايد القوة الاجتماعية للرسول (ص) ومقترنة بالازدياد وبحزم وخير شاهد على الغاء التمييزات غير العادلة شكلت هذه الحركة جانباً من الحركات الداعية للعدالة التي انتهجها الرسول (ص) امام الظلم المشهود في ذلك العهد. لأن الرسول الكريم (ص) كان ينوي تأسيس مجتمع يسوده الفلاح الديني وتأسيسه لحزب المفلحين والصالحين. وكان قد تعلم من القرآن الكريم عدم امكانية جمع الفلاح والسعادة الى جانب الشقاء. (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته انه لا يفلح القوم الظالمون) سورة الأنعام، الآية 21. (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته انه لا يفلح المجرمون) سورة يونس، الآية 17. وكانت احدى الجهود التي بذلها الرسول الكريم (ص) في المرحلة الأولى الدعوة تمثلت في حضوره لمدة 10 اعوام في مكة المكرمة ومحاربته لهذه التقاليد السلبية التي كانت سائدة على المجتمع الجاهلي آنذاك. وكان في التقاليد القبلية لا يحق العبيد من الرجال والنساء اتخاذ أي قرار مستقل او الحديث عن مشاركة اجتماعية خاصة حتى وكان لا يسمح لهم تقبلهم المعتقدات الدينية لأنفسهم، لكن الدعوة الثقافية التي دعا اليها الرسول الكريم (ص) لايجاد التعلق الديني والحب التوحيدي ـ الاجتماعي قد اتاح المجال لتقويض مثل هذا التمييز الظالم. فالتعاليم والمعايير الجاهلية والعلاقات النسبية قد أزيلت وتمكن الأفراد من اعتناق الدين الجديد دون تبعية قومية ونزعة قبلية. وكان حصيلة نجاح الرسول الكريم (ص) في استخدام هذا النهج اعتناق أفراد من العشائر والقبائل المشركة وتمردهم على القوانين والنظم القبلية والالتحاق بصفوف المؤمنين. فهذه الستراتيجية حركت تأثيراً قيمياً واجتماعياً إذ أوجدت حالة اليأس والاحباط والذعر في نفوس المشركين وقوضت اركان تقاليدهم السائدة وأتاحت المجال لولادة نظام اجتماعي جديد قائم على العدالة. 2 ـ 3 ـ قيمة المساواة التوحيدية ثم قدم الرسول الكريم بعدها بفترات توجيهاته ونصحه للمسلمين بعتق رقاب العبيد وهو عمل بذلك ووجهم نحو هذا الأمر المهم إذ يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين في الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء، وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) سورة البقرة، الآية 177. ثم عين محمد (ص) في هذا الجانب أفراد كـ (زيد بن حارثة) قائداً للجيش الاسلامي([27])، وبلال الحبشي مؤذناً خاصاً له([28]) وأشاد بسلمان الفارسي ومنحه منزلة رفيعة حين يصفه بأن (سلمان منّا أهل البيت)([29]) وبذلك ينهض لمحاربة التييزات الموجودة ويجعل بشكل تدريجي قيمة التقوى ملاكاً للمناصب والمنزلات الاجتماعية إذ قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)، سورة الحجرات، الآية 13. ويعلن الرسول الكريم بوضوح بأن العبد الحبشي والسيد القرشي متساوون عندي وبذلك يعتبره الجميع منادياً لحق المساواة التوحيدية.([30]) فعلى أية حال شكل احترام المساواة والعدالة من جانب الرسول الكريم (ص) والذي كان مقابلاً للظلم والتمييز السائدين شكل أحد أكثر السبل فاعلية لايجاد الوحدة الاسلامية في المجتمع المهضوم آنذاك. إننا نقرأ في النصوص التاريخية والروائية بأن الرسول الكريم (ص) لم يفرق بين العبد وغيره وكان نفسه يذيق من خلال تنفيذه للاحكام عذوبة طعم الحق والمساواة والعدالة وكان يتقدم في سلوكه الى ذلك الحد الذي لم تعرف فيه مكانة رسول الله حتى في جمع المسلمين. وعندما كان يجلس في أي مجلس لم يتمكن الأفراد الغرباء التعرف ببساطة على حضور الرسول (ص) بين الناس. يقول الإمام علي (عليه السلام) بما معناه في هذا المجال: إن قعود الرسول وقيامه كان مصحوباً دائماً بذكر الله وكان لا يمنح نفسه مكاناً خاصاً به (ليشير الى تفرقه) وكان ينهى كذلك (الآخرين من ذلك)([31]). كمثال على ذلك ينقل ابن هشام في سيرة الرسول قصة رجل باسم (خمام بن ثعلبة) بأنه دخل المسجد وكان الرسول (ص) جالساً بين اصحابه دون أي تمييز خاص، فإنه لم يعرفه لكنه يتحدث معه حول رسالة الرسول (ص) ويسلم في نهاية المطاف([32]). وكانت قمة اشراقة هذه الدعوة الى المساواة مشهودة في عين الرسول الكريم (ص) المباركتين، فكان (ص) يقسم رؤيته بين اصحابه بشكل متساوي فتارة كان ينظر الى هذا الجانب وتارة الى الجانب الآخر.([33]) وكمثال واضح يقول الرسول الكريم بما معناه: (إن الناس منذ أيام آدم وحتى اليوم كأسنان المشط متساوون. لا فضل بين عربي وآخر ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى ...)([34]). فهذه الطريقة في ازالة اصناف التمييز الاجتماعي التي كانت سائدة في العهد الجاهلي كانت تتابع بحكمة خاصة وبدراية دقيقة في عهد الرسول الكريم (ص) وبذلك قام بدوره باعتباره أحد الوسائل القيمية الصانعة للوحدة بأفضل وجه. فالرسول الكريم كان ينوي إزالة كافة أسس التمييز الجاهلية والحيلولة دون امكانية العودة الى العهد الجاهلي وأحكامه غير الإلهية المرفوضة وكان الرسول الكريم (ص) البادئ لهذه الحركة الاجتماعية والقيمة الكبرى وكان يستفيد من أي حدث نحو إبقاء وترسيخ روح المساواة والعدالة الإنسانية في المجتمع الجديد آنذاك، إذ إنه يقول هذا الكلام الجميل بما معناه: (إن الله عز وجل لا يحب أن يرى عبداً بين عباده أن يقر لنفسه امتيازاً)([35]). وبذلك يمكن الاستنتاج بأن الرسول الكريم قد عنى دائماً عنايته خاصة بنفس الاتجاه القوي وأي نوع من التعصبات الجاهلية. وقد سجل التاريخ الاسلامي التحذيرات التي كان يطلقها الرسول الكريم لأولئك الذين يعتبرون حسبهم ونسبهم ملاكاً لفخرهم وقيمتهم([36]). ويعد هذا الموضوع أفضل شاهد وأسمى مجال لاستقطاب المحرومين آنذاك وعنصراً لتحقيق الوحدة الدينية. والخلاصة ان أجمل تعبير جاء حول الدور القيمي لكافة الأنبياء في هذا الجانب هو ما جاء على لسان الإمام علي (عليه السلام) في الخطبة رقم 192 في كتاب نهج البلاغة. 3 ـ 3 ـ وفي منحى استراتيجية الغاء التعصبات القومية ينبغي أن نشير الى استراتيجية دعم المحرومين والمساكين. فهذه المجموعة تكون أساساً من المستضعفين والعبيد من الرجال والنساء. وطبقاً للقوانين السائدة آنذاك لم تحظ هذه المجموعة بحماية أية جماعة أو قبيلة وكانت محرومة من كافة الحقوق الاجتماعية والسياسية. ولم يمتلك هؤلاء امكانية تشكيل مجتمع مستقل بسبب البناء الاجتماعي الخاص في العهد الجاهلي وضعفهم المختلف. ففي مثل هذه الظروف أدت معارضة الرسول الكريم (ص) للتمييزات والميول القومية من جانب ودعمه المحرومين من جانب آخر الى استقطاب هذه المجموعة الى الاسلام والرسول الكريم (ص). وبذلك اجتمعت مجموعة كبيرة حول رسول الله (ص) موجدة بذلك وحدة اجتماعية موحدة ويرى البعض إن هذا الشيء قد شكل أكبر معجزة للاسلام([37]). في الواقع لقد لعب المحتوى الفكري لدعوة رسول الاسلام (ص) في اعلامه لأصالة التقوى والكرامة الانسانية وكذلك مقتضى اداء الرسول (ص) الذي أشرنا الى جانب منه لعبا دوراً فاعلاً في إيجاد الوحدة الاسلامية الجديدة. لقد اسطاع اعلان هذا الدعم والذي توسعت رقعته باستمرار هدي القوى المنهمكة والمطرودة والمضطهدة التي كانت تعاني من الشك والترديد الفكري نحو مركز واحد وعملت على تقوية اسس الوحدة الدينية. 4ـ الاهتمام بالطاقات النفسية والاخلاقية للشعب إن أفادة الرسول الكريم (ص) من الأخلاق والخصائص النفسية التي كان يتمتع بها عرب الجاهلية نحو الاهداف التوحيدية وخاصة نحو تحقيق الوحدة الاسلامية كانت احدى الستراتيجيات القيمية الأخرى في هذا الحقل. لقد كانت الطاقات النفسية للمجتمع آنذاك ذات صلة وثيقة بكافة الظروف الاجتماعية الخاصة بها ولها ارتباط قوي بسوابقه التاريخية. وقد بذل الرسول الكريم (ص) جهوده نحو ترشيد تلك الطاقات والقابليات نحو القضايا المطلوبة وايجاد نوع من القيم الأخلاقية الجديدة. وقد استفاد الرسول العزيز (ص) من هذه الطاقات الأخلاقية والنفسية بأفضل تدبير. إن نفسية التعصب والحمية العربية والالتزام والوفاء بالعهد والشجاعة والكرم وحسن الضيافة هي امور تعكس السمات الاجتماعية للعرب في العهد الجاهلي والقرآن الكريم يشير في هذا الجانب فيقول: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليماً) سورة الفتح، الآية 26. ولذلك يعتبر الرسول الكريم (ص) اصلاح القيم السائدة وتحسينها في اطار النظام القيمي للاسلام بأنه أحد المفاتيح نحو الاتحاد الاسلامي. وبذلك يتحول التعصب القومي والقبلي والمحافظة على منزلة القبيلة ورؤسائها وقادتها وكذلك ردود الفعل في دعم افراد القبيلة بشكل صريح وضمني الى فرع من الالتزام والتعهد. وقد كان ذلك سبباً في دعم الرسول الكريم (ص) في مواقع مختلفة من التاريخ الاسلامي ويعد مبدئياً الأرضية لتشكيل أول وحدة اجتماعية وعلنية للاسلام. فمثل هذه البيعات لم تكن ذات مفعول فقط في الرقعة الداخلية بل وإنها كانت تستخدم أكثر في مجال التزام القبائل حيال بعضها للبعض الآخر وكات تبقى بقوتها طبقاً للعادات الجاهلية حتى زمن انصراف المتعاهد أو المتعاهدين منه وكان الرسول الكريم (ص) يدعو الآخرين الى الاسلام بهذه الوسيلة وقد عقدت طوال التاريخ معاهدات متكررة بين الرسول (ص) والأفراد او مجموعات من صحابته وكان تكرار هذه العهود قد ادى الى اتساع الوحدة الاسلامية على غرار ما حدث في (العقبة الأولى) و(العقبة الثانية) و(البيعة في غزوة بدر) و(بيعة الرضوان) وغيرها. لم يرفض الرسول (ص) شجاعة العرب التي تمتد جذورها للوضع الخاص لذلك المجتمع وظروفه الجغرافية والطبيعية ولا يذمها بشكل مطلق بل وضع هذه المعنوية الحربية في مسار الاصلاح واستخداماتها المقبولة والصحيحة. وما من شك قد أدى ذلك الى توسيع السيادة الاسلامية. إذ شهدت فترة العشر سنوات ما يزيد عن 80 غزوة ومعركة عسكرية وحربية وكان لها تأثيراً مهماً. ويشيد الرسول الكريم (ص) في الكثير من الحروب بمعنوية وشجاعة وبطولة جند الاسلام وكان يقدم قيمتها في اطار العبادة والتقوى الإلهية. وبذلك يختار استراتيجية تعديل وتصحيح الخصائص الأخلاقية للعرب، إذ يقول (ص): (ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين)([38]). ومن جانب آخر يبذل الرسول الكريم (ص) مساعيه لتقوية واصلاح قيم الكرم وحسن الضيافة الموجودة لدى العرب ما تسبب هذه آلية لاستقطاب المزيد من الأفراد الى دائرة المسلمين. وقد أوصى الرسول الكريم (ص) المسلمين بالكرم وانفاق أموالهم في سبيل الله. وكان يدعو الأنصار في العهد الأول لتكوين المجتمع الاسلامي الى حماية المهاجرين المكيين وقد لبى أهالي المدينة ذلك الطلب بشكل مناسب نظراً لتلك المعنوية الاجتماعية الخاصة السائدة بالإضافة الى صبغتها الدينية حيث انهم كانوا يتسابقون في اسكان المهاجرين في بيوتهم وقرروا انتهاج القرعة للإفادة من هذه الضيافة، ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه: (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدروهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) سورة الحشر، الآية 9. وكانت استفادة الرسول الكريم (ص) من هذه الطاقات النفسية مقرونة بتأييدها وتعديلها دينياً قد جعلت الوحدة الاسلامية والتجمع الاسلامي يزدادان اقتداراً وانتشاراً بشكل مطرد. تجدر الاشارة الى ان الاسلام لا ينفي مبدأ التعددية في الائتمانات الوطنية والقومية لكنه في الوقت نفسه يرفض الصراع وإيجاد التشتت في الوحدة الاجتماعية والوفاق العام في المجتمع الاسلامي. فالقرآن الكريم يعترف بوجود المجموعات والقبائل المختلفة ويؤكد ضرورة الاتصال وحسن المودة والمصالحة بينها: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) سورة الحجر، الآية 13. فعليه لا يقبل الدين الاسلامي والرسول الاسلامي (ص) التعصب في مسار الالتزام بغير الحق والنهي عن القيم الدينية والانسانية والاعتماد فقط على القومية والوطنية، ويقول (ص) بما معناه ليس منا من يدعو الناس الى التعصب القبلي والقومي.([39]) 5 ـ الآداب الأخلاقية للرسول (ص) يعتبر الرسول الاسلامي الكريم (ص) احد الأهداف السامية لرسالته تتمثل في اكمال الأخلاق الصالحة وإكمال الفضائل الإلهية والأخلاقية للإنسان ولذلك أحد المجالات الأخرى الاستراتيجية القيمة للرسول التي يمكن استخدامها في ايجاد مجالات الوحدة والعدالة الاسلامية هو السلوك والتعامل الفردي والآداب الخاصة التي كان يتحلى بها الرسول الكريم. 5 ـ 1 ـ المواقف الجذابة جداً لسيدنا محمد (ص) الأخلاق اللطيفة والصفات الكريمة الشديدة الجذابية للرسول الكريم (ص) كانت دائماً من أهم الوسائل القيمية لوحدة الصفوف الدينية وانهاء الخلافات والنزاعات واجتذاب واستقطاب الأفراد ذوي الطينات الطاهرة. ويقول الله عز وجل في وصف النبي الكريم محمد (ص): (ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) سورة آل عمران، الآية 159.([40]) الإمام علي عليه السلام يقول بما معناه: (كان الرسول الكريم (ص) في الجود والكرم قدوة للناس فكان يحمل قلباً قوياً وصدراً لا يهاب وكان منقطع النظير في الوفاء بالعهد والحكم والمعاشرة الكريمة. فكل من كان يلتقي به كان يلاحظ فيه أولاً هيبة كبرى ومن يعاشره ويعرفه كان محباً له وإننا لم نشهد قط قبله ولا بعده شخص مثله)([41]). إن الأحداث المذهلة الموجودة في تاريخ الإسلام باتت واضحة وجلية لا تحتاج الى ترجمة تحليلية ومنها: شخص يدعى (غورث بن الحارث) الذي شهر السيف بوجه الرسول (ص) في احدى الحروب ويقولها بكل أنانية بما معناه: (يا محمد من الذي سينجيك مني؟ فيجيبه رسول الله (ص) ربي وربك، فيرتجف ذلك الرجل ويسقط من حصانه على الأرض. وينتصر عليه الرسول (ص) فيقول له الرسول (والحال يا غورث من سيخلصك مني؟) فيجيبه غورث: يا محمد سماحك وكرمك. وفي النهاية تؤدي الرحمة الإلهية وينبوع الوجود والكرم العظيم الى خلاصه. ولذلك إنه يعترف بكرم محمد (ص) وسماحه فأينما ذهب بات يقول بما معناه: (أتيت اليكم من جانب أفضل الناس)([42]). وإننا نشاهد احدى أجمل الآداب الألهية والدعوة للوحدة المقترنة بالرحمة الإلهية في قضية فتح مكة المكرمة. عندما يصرخ الصحابي المعروف سعد بن عبادة عند دخوله احدى بوابات مدينة مكة فيقول بما معناه: (اليوم يوم الانتقام وسفك الدماء فلا حرمة لأهل مكة ...) عندما يصل نبأ هذا الكلام الرسول الكريم (ص) وهو رسول الوحدة والعدالة يأمر الإمام علي (عليه السلام) بسرعة بأخذ الراية السوداء منه ويرفضها بيده ليعلن: (اليوم يوم المرحمة والعفو) وبعد هذا الشعار يأتي هذا الأمر: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)([43]) وأن الكثير من اعداء الرسول (ص) رغم عدائهم للرسول (ص) تشملهم الرحمة والأدب النبوي. ذلك الأدب الذي يقول (ص) عنه (ربي أدبني فأحسن تأديبي)([44]). وبسبب هذا السلوك والأخلاق الإلهية الطيبة الذي يعتبره اسوة حسنة والانموذج الأفضل للإنسان الكامل حيث كانت محبته تدفع حتى أعدائه اللدودين الى الالتحاق بصفوف الأصدقاء المؤمنين. (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) سورة فصلت، الآية 34. إن الآداب الإلهية للرسول الكريم (ص) قد أصبحت محوراً للتجمع والوحدة للقلوب وكانت الدعوة الفطرية للرسول الكريم (ص) تجتذب الأرواح والنفوس المتعطشة للحق وكانت هذه أفضل الوسائل لنفخ روح الوحدة الدينية في النفوس([45]). ولم يغفل الرسول الكريم (ص) في هذا المسار استخدام اداء اللسان إذا كان اللساء النبوي لسان الدعوة الى الألفة والمحبة. وفي رواية عن الإمام الحسن (ع) عن أمير المؤمنين (ع) حول الرسول الكريم (ص) نقرأ ما معناه: (إن الرسول الكريم كان لا يتكلم إلا في الكلام المفيد وكان يوجد بين الناس الألفة ويتجنب التفرقة وكان لا يؤذي خواطرهم)([46]). وعلى هامش هذا الكلام يجب أن نضيف بأن سوى موضوع السلوك الأخلاقي للرسول الكريم (ص) يمكن اعتبار المحبة لسيدنا محمد (ص) وعترته الطاهرة (ع) احد العوامل المهمة في ايجاد الوحدة والعدالة بين المسلمين. (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) سورة الشورى، الآية 23. وإذا كنا نأخذ بهذا المبدأ بشكل جيد فعندها ستثمر جهود الرسول الكريم (ص). كلمة أخيرة كانت الوحدة الاسلامية للالتفاف حول الحق تشكل أهم الأهداف الدينية للأنبياء والرسول التوحيديين فعلى هذا الأساس كانت تمثل أحد المحاور المهمة لدعوة الرسول الكريم (ص) وارساء أسسها لتظهر الى الوجود. يشير التحليل لأحداث التاريخ الاسلامي الى الجهود الواسعة والستراتيجيات القيمة للرسول الكريم (ص) لتحقيق ذلك الهدف وكانت لها مفعولها الخاص. وإنه (ص) قد اختار الوسائل الصالحة من منطلق معرفته الدقيقة للطاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع آنذاك لايجاد المجال المناسب لايجاد الرغبة لتقبل الوحدة بين أبناء الأمة وتحقيق العدالة الاجتماعية. وكان طرح المعاهدة العامة للمدينة أفضل سبيل لايجاد الوحدة العامة وايجاد معنوية التضامن الديني ولذلك تعتبر المعاهدة الخاصة للمسلمين من الآليات الدينية لتحقيق تلاحم روح الأخوة بين الناس. وكانت الإفادة من هذه الستراتيجيات لإظهار القواعد القوية للمجتمع الاسلامي وبلوغ الوحدة كانت يمكن أن تكون فاعلة إذا كانت الى جانب مكافحة العنصرية والنزعة القومية، وإن الرسول الكريم (ص) قد خطى بعزيمة عالية في هذا الاتجاه الى جانب افادته من الطاقات الاجتماعية المبدعة ومقدرته في الأخلاق الفردية. فعليه تتمثل احدى السبل الضرورية لارساء الوحدة الدينية في الأمة الاسلامية الكبرى في تنسيق العزائم والميول القيمية نحو التنظير واصلاح الوسائل الوطنية والقومية والفردية وفي الختام سنكون بحاجة الى صبر ثابت وروح مفعمة بالأمل لتحقيق هذا الوعد الإلهي. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته مصادر الكتب 1ـ القرآن الكريم، الترجمة والتوضيحات للكلمات من بهاء الدين خرمشاهي، طهران، انتشارات نيلوفر، انتشارات جامي، 1374. 2ـ نهج البلاغة، ترجمة الدكتور سيد جعفر شهيدي، طهران، انتشارات شركت سهامي عام 1371. 3ـ آيتي، محمد ابراهيم، تاريخ بيامبر اسلام، طهران، انتشارات دانشكاه طهران، 1366. 4ـ ابراهيم حسن، حسن، تاريخ الاسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي، 4 مجلدات، بيروت، لبنان، دار احياء التراث العربي 1994. 5ـ ابن هشام، سيرة رسول الله (المعروف بسيرة النبي لابن هشام) مجلدين، ترجمة وانشاء رفيع الدين اسحاق بن محمد همداني (قاضي ابرقده)، تصحيح اصغر مهدوي، طهران، انتشارات خوارزمي، 1360. 6ـ بهشتي، سيد محمد، محيط بيرايش اسلام، طهران، دفتر نشر فرهنك اسلامي، 1367. 7ـ بهشتي، سيد محمد محيط بيراش اسلامي در ايران ترجمة كريم كشاورز، طهران، انتشارات بيام، 1354. 8ـ ثفي، سيد محمد، ساختار اجتماعي وسياسي نخستين حكومتي اسلامي در مدينة (الهيكلية الاجتماعية والسياسية لأول حكومة اسلامية في المدينة) 12، قم، مؤسسة انتشارات 1376. 9ـ حميد الله، محمد واولين قانون اساسي مكتوب در جهان (محمد واول دستور مكتوب في العالم)، ترجمة غلام رضا سعيدي، طهران، انتشارات بعثت، 1356. 10ـ حنبل، احمد، مسند احمد بن حنبل، 6 مجلدات، بيروت، لبنان، دار صادر بيروت، بي4. 11ـ خرمشاهي، بهاء الدين، انصاري، مسعود، بيامبر (مجموعة من المعاهدات والأدعية والتمثيلات والكلمات الجامعة للنبي محمد (ص)، طهران، انتشارات جامي، 1376. 12ـ رازي، شيخ ابو الفتوح وتفسير روح الجناني، 5 مجلدات، قم، انتشارات مكتبة آية الله العظمى مرعشي نجفي، 1404 هـ ق. 13ـ زريابي، دكتور عباس، سيرة رسول الله، طهران، انتشارات سروش، 1370. 14ـ زكريايي، محمد علي، فلسفة وجامعه شناس سياسي، طهران، انتشارات الهام 1373. 15ـ زرين كوب، دكتر عبدالحسين، بحر دركوزه، طهران، انتشارات علمي 1367. 16ـ شميسا، دكتر سيروس، كزيده غزاليات مولوي (مختارات من غزليات مولوي)، طهران، طباعة ونشر بنياد 1372. 17ـ شهيدي، الدكتور سيد جعفر، تاريخ تحليلي اسلام، طهران، مركز نشر دانشكاهي، 1369. 18ـ الطبرسي، الشيخ رضي الدين ابي نصر الحسن بن الفضل، مكارم الاخلاق، تعليق محمد الحسين الاعلمي، طهران، منشورات مؤسسة الاعلمي، 1392 هـ. ق. 19ـ فروزانفر، بديع الزمان، احاديث وقصص مثنوي (تلفيق من كتابي احاديث مثنوي ومأخذ قصص وتمثيلات مثنوي)، ترجمه كاملة واعادة تنظيم حسن داودي، طهران، مؤسسة انتشارات امير كبير، 1373. 20ـ القمي، الشيخ عباس، سفينة البحار، دورة 8 مجلدات، طهران، دار الاسوة للطباعة والنشر، 1414 هـ .ق. 21ـ كليني رازي، ابو جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق، الاصول من الكافي، دورة مجلدين، طهران، دار الكتب الاسلامية، 1363. 22ـ كمره اي، محمد باقر، ترجمه وشرح فارس لاصول الكافي، دوره 6 مجلدات، طهران، انتشارات اسوةه 1379. 23ـ مجلسي، محمد باقر، بحار الانوار، 110 مجلدات، طهران، دار الكتب الاسلامية، 1403 هـ .ق. 24ـ مطهري، مرتضى، خدمات متبادلة بين الاسلام وايران، مجلدين، طهران، انتشارات صدرا، 1362. 25ـ هاديخواه، عبدالمجيد، فرهنك افتاب (قاموس تفصيلي لمفاهيم نهج البلاغة)، 10 مجلدات، طهران، نشر ذره 1372. 26ـ الشيخ المفيد، الاختصاص، تصحيح علي اكبر الغفاري (مجموعة مصنفات الشيخ المفيد، المجلد الثاني عشر)، قم المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد. 27ـ موثقي، احمد استراتجي وحدت در انديشه سياسي اسلام، مجلدين، قم، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي، 1375. 28ـ مولانا بلخي، جلال الدين محمد مثنوي مولوي، طهران، مؤسسه انتشارات قدياني، 1374. 29ـ ...، مختارات فيه ما فيه (مقامات مولانا) تلخيص مقدمة وشرح حسين اللهي قمشئي، طهران، انتشارات علمي وفرهنكي 1374. 30ـ مونتكمري وات، بروفيسور، محمد بيامبر وسياستمدار، ترجمه دار الترجمة ايران، طهران، انتشارات كتابفروشي اسلامي. 31ـ علامه هندي، علاء الدين، كنز العمال في سنن الاقوال والافعال، 16 مجلد، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1985. 32ـ مجموعة كلمات المؤتمر الثاني للوحدة الاسلامية، طهران، منظمة الاعلام الاسلامي. 33ـ ويزه نامه نهمين كنفرانس بين المللي وحدت اسلامي، تقريب، طهران، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، 1375. -------------------------------------------------------------------------------- [1]– عضو الهيئة العلمية بجامعة كرمان. [2] ـ يبدو قد جاء التوقيع على هذه المعاهدة في الأشهر الاولى من دخول الرسول الكريم (ص) الى المدينة، لان ابن هشام وابن اسحاق قدنقلا نص هذه المعاهدة بعد الخطبة الأولى للرسول (ص) في المدينة، هذا أولاً والشيء الآخر هو ان الحقوق الاجتماعية لليهود قد احترمت في هذه المعاهدة وبما ان تحويل القبلة من بيت المقدس الى مكة المكرمة قد حدث بعد وصول النبي (ص) الى المدينة بـ 17 شهراً وكان ذلك عندما كان اليهود قد اظهروا عداءهم لمحمد (ص) والمسلمين... إذن ان احتمال بعض الخبراء في الشؤون الاسلامية بأن المعاهدة المذكورة لم تكتب قبل العام الخامس الهجري (إذا كان القصد من ذلك هذه المعاهدة) لا تبدو هذه الوجهة من النظر صحيحة. (التاريخ التحليلي للاسلام. السيد جعفر شهيدي، ص 63، 64) وانظر كذلك، (محمد ـ ص ـ بيامبر وسياستمدار (رسول وسياسي)، ص 118، وكذلك ساختار اجتماعي سياسي نخستين حكومت اسلامي (الهيكلية الاجتماعية والسياسية لأول دولة اسلامية)، ص 103. [3] ـ انظر الى اول دستور مكتوب في العالم، الدكتور محمد حميد الله. [4] ـ ر. ك: مجلة التقريب، مقال الدكتور شهيدي حول الرسول الكريم (ص) وتضامن المسلمين، ص 42. [5] ـ (امير علي) في كتاب روح اسلام، ص 251. [6] ـ (... جاء في السطر الأول من نص الدستور، (هذا كتاب) وكلمة كتاب جاءة في الأصل بمعنى الأمر والاعلان، (اولين قانون اساسي ...) ص 45. [7] ـ نفس المصدر، ص 55. [8] ـ هذه النقاط نقلت من كتاب اولين قانون اساسي ... ص 55 ـ 62، وانظر سرة رسول الله (ص)، ج1، ص 480 وتاريخ تحليلي اسلام، ص 64 ـ 66، واستراتجي وحدت، ص 108 ـ 119. [9] ـ سيرة ابن هشام، ج2، ص 148، تاريخ تحليلي اسلام، ص 64. [10] ـ اولين قانون اساسي ... ص 35 (مونتغيميري وات) كذلك يرى انه رغم الاشارة الى عدد من المجموعات اليهودية لكن لم تتم الاشارة الى سر القبيلة اليهودية المهمة بشكل مباشر ويبدو انهم كانوا يعتبرونهم بأنهم يشملهم القانون بشكل نسبي. (ر. ك. محمد (ص) بيامبر وسياستمدار، ص 18. [11] ـ نفس المصدر، ص 40 و41. [12] ـ تاريخ الاسلام، ج1، ص 102 و103. [13] ـ اسلام در ايران (الاسلام في ايران)، ص 30. [14] ـ نقلاً عن تفسير روح الجناني ابو الفتوح الرازي، ج1، ص 631، وانظر: احاديث وقصص مثنوي ص 159. [15] ـ كنز العمال، ج1، ص 149، 15، اصول الكافي، ج1، ص 404. [16] ـ كذلك. [17] ـ مثنوي معنوي، الدفتر الرابع، 411 ـ 418، والدفتر الثاني 188، وانظر مختصر فيه ما فيه، ص 235، 236، وكذلك كزيده غزليات مولوي، ص 107. [18] ـ فلسفه وجامعه شناسي سياسي، ج2، ص 208. [19] ـ مثنوي معنوي، دفتر الثاني الابيات، 3727 ـ 3713 وانظر كذلك بحر در كوزه، ص 93 و555. [20] ـ يعقد الرسول الكريم (ص) عقد الأخوة بين كل مهاجر واحد من أهالي المدينة ويصف الإمام علي عليه السلام بأنه اخوه في الدنيا والآخرة (أنت أخي في الدنيا والآخرة) ويروي من عبدالله بن عباس انه عندما نزلت الآية (إنما المؤمنون أخوة) عقد الرسول الكريم عهد الأخوة بين المسلمين. فآخى بين ابي بكر وعمر، وبين عثمان وعبدالرحمن و... حتى آخى بين جميع المسلمين طبقاً لموقعهم ومنزلهم ثم قال لعلي: (أنت أخي وأنا أخوك ...). ... انظر الى تاريخ رسول الاسلام، ص 235، سيرة ابن هشام، ج2، ص 150. [21] ـ اسلام در ايران، ص 31. [22] ـ كنز العمال، ج1، ص 149، و143، حديث 694 و695. [23] ـ كمثال على ذلك تقسيم الغنائم بين النظير الحربية كان أفضل مثال على ذلك ويروي المؤرخون انه عقد بين المهاجرين والأنصار عهد كان يشمل مشاركتهم في الميراث وكان أحد هذه العهود هو عهد الأخاء بين سعد بن ربيع وعبدالرحمن بن عوف ويروى ان ابن عوف يقترح على سعبد بن عبدالرحمن المشاركة في امواله وحياته لكن سعد يطلب في المقابل توجيهه في مسار التجارة والسوق، تاريخ بيامبر اسلام، ص 235. [24] ـ بحار الأنوار، ج39، ص 56، باب 73. [25] ـ سيرة ابن هشام، ج4، ص250. [26] ـ ر. ك: فرهنك آفتاب، ج1، ص 86، وكذلك، نهج البلاغة، الخطبة، 96، ص 88. [27] ـ ينطوي تاريخ الاسلام في مجلده الأول، ص 187 و188 على توضيحات جيدة حول الوضع الاجتماعي لشخصية زيد بن حارثة، وكذلك ر. ك: سيرة ابن هشام، المجلد الأول، ص 264. [28] ـ بيام بيامبر (رسالة الرسول)، ص 870، الرواية 1067، قال الرسول (ص) ما معناه: (يا بلال امنحنا السكينة بأذانك). [29] ـ الاختصاص، ص 341، لقد جاء بهذا المضمون برواية امير المؤمنين في كتاب سفينة البحار مادة (سلم) مجلد 4، ص 245. [30] ـ كاتب محيط بيرايش اسلام مسألة منادي آزادي، اعتبر نزعة الرسول (ص) الى المساواة والعدالة بأنها احدى العوامل المهمة للنجاح السريع في الدعوة الاسلامية. (ر. ك: محيط بيرايش اسلام، ص 148 و149). [31] ـ مكارم الأخلاق، ص 14. [32] ـ ر. ك:ك سيرة ابن هشام، ج4، ص 219 و230 لكن ينقلون هذا النوع من الحوار الذي يشارك فيه أفراد مثل ضمام ياتي فقط على أساس انتساب الرسول (ص) الى عبدالمطلب والأسرة الهاشمية واخلاصه وصدقه والإيمان برسالته، هو شاهد واضح على المكانة الخاصة والمتميزة للرسول الكريم (ص) بين المجتمع الجاهلي في الجزيرة. [33] ـ الكافي، ج8، ص 268، نقلاً عن الإمام الصادق (ع). [34] ـ الاختصاص، الشيخ المفيد، ص 341. [35] ـ السيرة النبوية، ص 281. [36] ـ (كان سلمان الفارسي جالساً في مسجد الرسول (ص) وكان عدد من الصحابة موجودين كذلك وجاء الحديث حول الأصل والنسب. فكل واحد من الحضور قال شيئاً عن أصله ونسبه حتى سألوا سلمان عن أصله ونسبه... فقال سلمان أنا ابن احد عبادالله كنت ضالاً فقد هداني الله بواسطة محمد (ص) كنت فقيراً فقد أغناني الله بواسطة محمد (ص) وكنت عبداً فقد جعلني الله حراً بواسطة محمد. ثم دخل الرسول (ص) وقدم سلمان للرسول الكريم (ص) ما دار من حديث، فقال محمد (ص) لأولئك الجماعة الذين كلهم كانوا من قريش بما معناه: (يا جماعة قريش إن حسب ونسب كل فرد يعود الى دينه وعقائده وإن رجولته ترتبط بأخلاقه وطباعه وشخصيته وإن أصل كل فرد ونسبه يعودان الى عقله وفهمه وادراكه)، وفي رواية أخرى يعتبر الرسول الكريم التفاخر على أساس التعصبات القومية بأنها من نار جهنم. [37] ـ نهج البلاغة، الخطبة 192، ص 215. [38] ـ سيرة رسول الله (ص)، ج1، ص 413، وكذلك تاريخ بيامبر اسلام ص 168. [39] ـ ر. ك مجموعة سخنرانيها ومقالات ... ص 1004، وكذلك: بحار الأنوار، ج73، ص 283. [40] ـ مثنوي معنوي، الدفتر الثالث. [41] ـ مكارم الأخلاق، طبرسي، ص 18، وكذلك انظر: سفينة البحار، ج2، ص 688. [42] ـ تاريخ الطبري، ج2، ص 159. [43] ـ تاريخ تحليلي اسلامي، شهيدي، ص 95. [44] ـ بحار الانورا، ج16، ص 210. [45] ـ مثنوي معنوي، الدفتر الثاني، 3798 و3599. [46] ـ مكارم الأخلاق، ص 14، وكذلك ر. ك: بحار الأنوار، ج16، ص 151، ومجلة تقريب، ص 61.