هذه نبذة مختارة تسلط بعض الأضواء على عالمية، وخصائصها، وعلى الجوانب المهمة في فقه العلاقات الدولية في الإسلام، قد كانت موضع التنفيذ، والتطبيق لدى القيادة الإسلامية أيام النصر والازدهار منذ قرون وأجيال، وقد كان الإسلام يمثل العالمية بحق وجدارة، والخير للإنسانية جمعاء، ليس قاصراً على أمة دون أمة، أو جيلاً دون آخر، أو سعياً وراء مصلحة ذاتية، أو إقليمية محدودة، وإنّما الهدف الأول والأساس إخلاص العبادة لله جل وعلا، وإسعاد البشر، والاستمتاع بحياة آمنة مطمئنة في ظل عقيدة الوحدانية. آخراً وليس أخيراً: يعقد علماء القانون الدولي مقارناتهم بين العلاقات الدولية في الإسلام وبين القانون الدولي الوضعي، مسجلين أولية القانون الدولي الإسلامي، وعالميته منذ إقامة الدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، أي قبل ما يزيد على أربعة عشر قرناً، يقول في هذا الصدد أستاذ القانون الدولي الأستاذ الدكتور مفيد شهاب في دراسة قيمة له في هذا المجال: (إن القانون الدولي فرع حديث النشأة، وأنه لم يأخذ طابع العالمية إلاّ ابتداء من القرن العشرين، كما أنه مازال حتى اليوم ينمو، ويتطور تبعاً للظروف، والمستجدات التي تطرأ على العلاقات بين الدول، وأخيراً باعتباره قانوناً وضعياً، لا يهتم كثيراً بالتكوين الأخلاقي للدول ـ وبالتالي للشعوب ـ التي تطبق، أو ينطبق عليها أحكام هذا القانون. فإذا استعدنا ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، أي قبل نشأة فكرة القانون الدولي بأحد عشر قرناً نجده قد جاء للإنسانية كلها بآخر سماوية، وبالتالي أكمل تشريع إلهي، وما أسرع أن تقبلته العقول، واطمأنت إليه النفوس، ووجدت فيه الشعوب نظاماً يحقق لها العدالة والمساواة، ويمنحها الأمن والاستقرار …