ومن اجل استشراء الأمان واشاعته فإنه لا يتوقف على أوامر قادة الجيش أو كبار الشخصيات فكل من استجاب للأمان تكون استجابته نافذة على جميع المسلمين، سواء كان المؤمن رجلاً أو امرأة أو عبداً مملوكاً؛ فلا يجوز للمسلمين قتل من أعطي الأمان.([538]) ويسري هذا الحكم ليشمل إمام المسلمين، وفي هذا قال يحيى بن الحسين الزيدي:(أهل الإسلام يجوز أمان الواحد منهم على كلهم، لو أن رجلاً أمن عسكراً من عساكر أهل الشرك أو قربه من قراهم ثم علم بذلك الإمام لم يجز له استباحتهم حتى يخرجوا من ذمة الأمان الذي أمنهم المسلم).([539]) 6ـ الوفاء بالعهد اوجب الإسلام الوفاء بالعهد، فلا يجوز نقضه ما دام العدو ملتزماً به، وقد جسد الإسلام بهذا الواجب السماحة والسلام وحقن الدماء، واثبت للبشرية جمعاً أنه لا يقاتل إلاّ دفاعاً عن المقدسات وعن النفس ردعاً للعدوان. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(حسن العهد من الإيمان).([540]) وقال الإمام علي عليه السلام:(إن وقعت بينك وبين عدوك قصة عقدت بها صلحاً والبسته بها ذمة فحط عهدك بالوفاء وارع ذمتك بالأمانة واجعل نفسك جنة بينك وبين ما اعطيت من عهدك).([541]) وقال عليه السلام:(ما ايقن بالله من لم يرع عهوده وذمته).([542]) وشدد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حرمة قتل المعاهد، فقال:(من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة).([543]) وحرم صلى الله عليه وآله وسلم ظلم المعاهد أو تكليفه فوق طاقته، فقال:(من ظلم معاهداً أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه).([544])