المقدمة الثانية: ان عدد المشركين على وجه الكرة الارضية، الان وفي أكثر الاجيال المنظورة في الماضي وفي المستقبل، عدد كبير جداً، بل لعله يمثل أكثر من نصف البشرية، أو الأكثرية فيها. اذن، نعلم من هاتين المقدمتين، انّ الدين الإسلامي اجاز قتل أكثرية البشرية ولم يحفظ لهم حقوقهم في الحياة والعيش الرغيد، وان ذلك يؤدي حتماً إلى وجوب قتل الملايين وابادة شعوب بكاملها ماداموا مشركين. وجواب ذلك، يكون في عدة نقاط: النقطة الاولى: انه لم يرد في الدين وجوب المبادرة إلى قتال المشركين أو قتلهم، بل ذلك غير جائز حتى تعرض عليهم تعاليم الإسلام وهداه ومحاسنه، وينبغي ان ينتظر فيهم مدة كافية حول ذلك، فان اهتدوا واسلموا فهو المطلوب. وإلاّ كانوا معاندين يستحقون القتل. النقطة الثانية: انه لم يرد في الدين وجوب المبادرة إلى قتال المشركين أو قتلهم مالم يبدأوا هم بالقتال، فان بدأوا كانوا محاربين فعلاً، وكان مقتضى ذلك وجوب الدفاع حتى وان لزم من ذلك ابادتهم جميعاً. وهذا لا يعني ان الشعوب الامنة والبلدان الهادئة للمشركين، يجب المبادرة اليها وقتل اهلها جملة وتفصيلاً، فان هذا لم يحدث فيما سبق ولم يقره تشريع ديني. النقطة الثالثة: ان الحكم الاصلي في الشريعة قابل للتخصيص أو التقييد بمقتضى الولاية العامة في كل عصر للفقيه أو للقائد، فهو يرى مقتضى المصلحة من جميع الجهات، قبل ان ينفذ الحكم المشار إليه في السؤال. مع العلم انه قلما تقتضي المصلحة ذلك في المستقبل المنظور.