وحّد صفوفه لمحاصرة الإسلام عقيدة ووجوداً وقيادة؛ لا يفرق في هذه المحاصرة بين مذهب وآخر وبين طائفة وأخرى. والإيمان بالعالمية يتطلب الانطلاق من المحاورة المشتركة الواحدة وهي وحدة العقيدة ووحدة المصالح ووحدة المصير. وفي بحثنا هذا نسلّط الأضواء على التعريف بعالمية الإسلام ومبانيها من منظار القرآن الكريم والسنة النبوية. عالمية الإسلام من منظار القرآن الكريم عالمية الإسلام حقيقة واضحة المعالم من خلال النظرة الواعية للآيات القرآنية المباركة، فهي عالمية في مضمونها العقائدي والتشريعي وفي جميع مجالاتهما، وهي لا تختص بجماعة أو منطقة أو شعب بل توجهت إلى جميع الجماعات وجميع البلدان وجميع الشعوب. والرسالة الإسلامية بعالميتها حولت الشعب المختار إلى الأمة المختارة التي تضم جميع الشعوب التي تبنت الإسلام ديناً ومنهجاً في الحياة. قال سبحانه وتعالى:(كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله).([452]) والعالمية واضحة المعالم في القرآن الكريم منذ الانطلاقات الأولى لنزوله، ففي العهد المكي كانت التوجهات العالمية واضحة المعالم في السور القرآنية المباركة. قال سبحانه وتعالى:(قل يا أيها الناس إني رسول الله اليكم جميعاً).([453]) أمر الله سبحانه نبيّنا أن يخاطب جميع الخلق من العرب والعجم، فقال: أدعوكم إلى توحيده وطاعته، واتباعي فيما اؤديه اليكم، وإنّما ذكر(جميعاً) للتأكيد، وليعلم إنه مبعوث إلى الكافة.([454])