قوي العَوْلمة، يتلاعب ببقية العالم ويدير دفته وينظمّه من خلال »هيمنة فكرية عالمية«. ومن ناحية ثقافيّة يمكن تعريف العَوْلمة بأنها عملية خلق مجتمع عالمي واحد ذي ثقافة واحدة فقط. ويتمثّل الهدف الرئيس للثقافة الجديدة في تهميش الثقافات التقلييديّة بأن يُستبدل بها ما يقال إنه ثقافة دينامية عصرية تقوم على فلسفة للحياة علمانيّة ماديّة تتألف في معظمها من القيم الغربيّة للماديّة والفرديّة والعلمانيّة أو ثقافة الاستهلاكيّة. وتكمن طبيعة هذه الثقافة الجديدة في الحقيقة القائلة إنّ نظرتها للعالم أحدُ مكوَّنات الماديّة العلمانيّة، ممّا يقلل دور الدين ويستبعد الحقائق الماورائيّة(الميتافيزيقيّة) في تشكيل الثقافة ويَنْزل بالإنسان إلى مرتبة كائن ملحد، همّه الأكبر في الحياة مقصور على الإنتاج والاستهلاك، وخلال الأشهر القليلة التي تلت أحداث الحادي عشر من شهر أيلول(سبتمبر) دأبت القوى الغربْيّة على المطالبة بتغييرات جذريّة في المناهج الدراسيّة في البلدان الإسلامية بغية تقليص دور الدين في تكوين الثقافة. وواضح أنّ هذه كلها تتعارض مع نظرة الإسلام للعالم. وعلى الرغم من أنّ العَوْلمة قد تتمخض عن بعض مكاسب اقتصاديّة فإنّ أكبر تحدّ للمجتمعات غير الصناعيّة في القرية الكونيّة يأتي من القوى الثقافيّة الاجتماعية والقيم الرمزيّة التي تحرّكها هذه القوى. حيث تحتوي النظرة الإسلامية العالميّة على سبيل المثال مبادئ مقدّسة وطيدة البنيان تعود إلى مرجعيّة دينيّة في خاتمة المطاف. ولا يعني ذلك أنّ المسلمين عاجزون عن التعلّم من الآخرين. بل على العكس من ذلك، فإنه إذا أريد للمسلمين أن يشاركوا مشاركة كاملة في العمليّة العالميّة الجديدة، فإنه لا معدى لهم عن اكتساب المعرفة والمهارات والمعلومات والتكنولوجيا والعلوم والقدرات الإداريّة من أجل تعزيز فهمهم