بسم الله الرحمن الرحيم العولمة، كما تطرحها البلدان المتقدمة اقتصادياً في الغالب، هي انعكاس للتيارات الحاليّة في العلوم والتكنولوجيا الحديثة. وقد كانت العولمة مدار نقاش واسع النطاق خلال العقدين الأخيرين كموضوع يغلب عليه الطابع الاقتصادي في جوهره، وإن كان يهدف بوضوح إلى خلق مجتمع عالمي واحد ذي ثقافة واحدة فقط. وفي هذا المجتمع »الجديد« المقترح لابدّ من التخلّي عن الثقافات التقليدية بما فيها الدين والعادات الاجتماعية وذلك من أجل إتاحة المجال أمام تطوير لا تعيقه عوائق لثقافة جديدة قائمة على مفاهيم المادية العلمانية الحديثة. وتهدف هذه الورقة في المقام الأول إلى دراسة ما لهذه الثقافة العالميّة الواحدة المطروحة، والداخلة دخولاً سافراً أو مقنّعاً ضمن نطاق العَولْمة، من تأثير على العالم الإسلامي في شتى ثقافاته. والثقافة في الإسلام أحد عناصر الدين الذي يشكّل التوحيد الأساس له. أي الإيمان بالله ووحدانيّة صفاته بأنه القدير العليم الحاضر أبداً. ومن الواضح أنّ منظومة الإيمان هذه على طرفي نقيض مع الأهداف التي تحتوي عليها الماديّة العلمانيّة الحديثة. وفي محاولنا لفت النظر على نطاق واسع إلى المظاهر المأساوية المحتملة الكامنة في العنصر الثقافي للعولمة ولاسيما التأثير السلبي الذي سيكون لها على الأمة