وسيرورة التاريخ، وهي في ذاتها تكشف عن رعب الليبراليين من التقدم التاريخي، فإن المطلوب ان يتم ايقاف حركة التاريخ بالقوة(صدام المدنيات واعادة تشكيل العالم)، فالإبادة إذا لم تنجح على مستوى الثقافة والفكر، أي تجريد الشعوب من هويتها وكيانها الاجتماعي والثقافي والديني، فإن التدخل بالقوة، تحت شعار البقاء للأقوى، ونظرية الانتخاب الطبيعي تعني هي الحل لتحقيق التوازن الذي طالب به(مالثوس). إذا فالعالم التاريخي، أي الشعوب التاريخية والحضارية تواجه تحدياً حقيقياً على مستوى الاطروحات الفلسفية والفكرية، وعلى مستوى السياسات الدولية والاقتصادية والعسكرية يتم توظيف كل شيء لمصلحة طرف واحد، أو قطب واحد، لا يسع بقية العالم إلاّ أن يكون ذرات تلتصق بهذا القطب، أو تسير في مجاله، ما عدا ذلك فلابد أن ينتهي ويزول. ان المعركة تقع في اطار التاريخ، وفي اطار الوعي والارادة، ان المواجهة لا تتم إلاّ عبر هذه الاسلحة التاريخية التي اثبتت وباستمرار قدرتها على مواجهة كل سياسات الاحتواء والهيمنة الامبريالية عبر التاريخ، ولعل اعادة الاعتبار للدين والشرائع هو من أقوى اسلحة مواجهة المادية والقوانين الفيزيقية التي تقوم على الجبر والإلغاء والاقصاء. ان الدين الإسلامي، وهو يضع الإنسان في مجال الإيمان بالغيب إنّما يواجه بهذا الإيمان اطروحات الواقعية والبراغماتية والتجربية، والوضعية وما إليها. إن الغيب في المفهوم الإسلامي، غيب ممتلئ لا غيب عدمي، الإيمان به مرتبط بالعمل الصالح، والعمل هو أكبر وأعظم شأنه الفعل، فالفعل محدود المكان والزمان والأثر، وقد يكون محكوماً بالهوى والحب والكره، أما الإيمان المقرون